فَقَالَ: إِنَّ الطَّبِيبَ يَعْلَمُ مَنْزِلَتَهُ مِنْكَ، وَأَنَّهُ وَزِيرُ الدَّوْلَةِ، فَلَا يَلْقَاكَ فِي أَمْرِهِ بِمَا تَكْرَهُ، وَلَكِنْ أَحْضِرِ ابْنَ أَخِي النُّوبَخْتِيِّ وَصِهْرَهُ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ، وَاسْأَلْهُ عَنْهُ سِرًّا، فَهُوَ يُخْبِرُكَ بِحَالِهِ. فَقَالَ: أَفْعَلُ.
وَكَانَ النُّوبَخْتِيُّ قَدِ اسْتَنَابَ ابْنَ أَخِيهِ هَذَا عِنْدَ ابْنِ رَائِقٍ لِيَقُومَ بِخِدْمَتِهِ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مُقَاتِلٍ فَارَقَ ابْنَ رَائِقٍ عَلَى هَذَا، وَاجْتَمَعَ بِعَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ قَرَّرْتُ لَكَ مَعَ الْأَمِيرِ ابْنِ رَائِقٍ الْوِزَارَةَ، فَإِذَا سَأَلَكَ عَنْ عَمِّكِ، فَأَعْلِمْهُ أَنَّهُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَا يَجِيءُ مِنْهُ شَيْءٌ لِتَتِمَّ لَكَ الْوِزَارَةُ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ ابْنُ رَائِقٍ بِعَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ سَأَلَهُ عَنْ عَمِّهِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَطَمَ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَقَالَ: يُبْقِي اللَّهُ الْأَمِيرَ وَيُعْظِمُ أَجْرَهُ فِيهِ، فَلَا يَعُدُّهُ الْأَمِيرُ إِلَّا فِي الْأَمْوَاتِ، فَاسْتَرْجَعَ وَحَوْقَلَ، وَقَالَ: لَوْ فُدِيَ بِجَمِيعِ مَا أَمْلِكُهُ لَفَعَلْتُ.
فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ ابْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ لَهُ ابْنُ رَائِقٍ: قَدْ كَانَ الْحَقُّ مَعَكَ، وَقَدْ يَئِسْنَا مِنَ النُّوبَخْتِيِّ، فَاكْتُبْ إِلَى الْبَرِيدِيِّ لِيُرْسِلَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي وِزَارَتِي، فَفَعَلَ وَكَتَبَ إِلَى الْبَرِيدِيِّ (بِإِنْفَاذِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ) الْكُوفِيِّ لِيَنُوبَ عَنْهُ فِي وِزَارَةِ ابْنِ رَائِقٍ، فَأَنْفَذَهُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْأُمُورِ، وَتَمَشَّى حَالُ الْبَرِيدِيِّ بِذَلِكَ، فَإِنَّ النُّوبَخْتِيَّ كَانَ عَارِفًا بِهِ لَا يَتَمَشَّى مَعَهُ مَحَالُّهُ.
فَلَمَّا اسْتَوْلَى الْكُوفِيُّ وَابْنُ مُقَاتِلٍ، شَرَعَا فِي تَضْمِينِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَبِي يُوسُفَ بْنِ الْبَرِيدِيِّ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ، فَامْتَنَعَ ابْنُ رَائِقٍ مِنْ ذَلِكَ، فَخَدَعَاهُ إِلَى أَنْ أَجَابَ إِلَيْهِ، وَكَانَ نَائِبُ ابْنِ رَائِقٍ بِالْبَصْرَةِ مُحَمَّدَ بْنَ يَزْدَادَ، وَقَدْ أَسَاءَ السِّيرَةَ وَظَلَمَ أَهْلَهَا، (فَلَمَّا ضَمِنَهَا الْبَرِيدِيُّ، حَضَرَ عِنْدَهُ بِالْأَهْوَازِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِهَا) فَوَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ، وَذَمَّ ابْنَ رَائِقٍ عِنْدَهُمْ بِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ يَزْدَادَ، فَدَعَوْا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute