فَرَحَلَ عَنْهَا إِلَى عَسْكَرِ مُكْرَمٍ خَوْفًا مِنْ أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ ; لِئَلَّا يَقُولُ لَهُ: كَسَرْتَ الْمَالَ، فَانْتَقَلَ الْبَرِيدِيُّ إِلَى بَنَابَاذَ، وَأَنْفَذَ خَلِيفَتَهُ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَأَنْفَذَ إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ يَذْكُرُ حَالَهُ وَخَوْفَهُ مِنْهُ، وَيَطْلُبُ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى السُّوسِ مِنْ عَسْكَرِ مُكْرَمٍ ; لِيَبْعُدَ عَنْهُ وَيَأْمَنَ بِالْأَهْوَازِ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ الْبَرِيدِيَّ (يُرِيدُ أَنْ) يَفْعَلَ بِكَ كَمَا فَعَلَ بِيَاقُوتٍ، وَيُفَرِّقَ أَصْحَابَكَ عَنْكَ، ثُمَّ يَأْخُذَكَ فَيَتَقَرَّبَ بِكَ إِلَى بُجْكُمَ (وَابْنِ رَائِقٍ، وَيَسْتَعِيدَ أَخَاكَ لِأَجْلِكَ، فَامْتَنَعَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنْ ذَلِكَ.
وَعَلِمَ بُجْكُمُ بِالْحَالِ) ، فَأَنْفَذَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَاسْتَوْلَوْا عَلَى السُّوسِ وَجُنْدَيْسَابُورَ، وَبَقِيَتِ الْأَهْوَازُ بِيَدِ الْبَرِيدِيِّ، وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مِنْ كُورِ الْأَهْوَازِ إِلَّا عَسْكَرُ مُكْرَمٍ، فَاشْتَدَّ الْحَالُ عَلَيْهِ، وَفَارَقَهُ بَعْضُ جُنْدِهِ، وَأَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى فَارِسَ، فَمَنَعَهُمْ أَصْفَهَدُوَسْتُ وَمُوسَى قَيَاذَةَ، هُمَا مِنْ أَكَابِرِ الْقُوَّادِ، وَضَمِنَا لَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ لِيُقِيمُوا شَهْرًا، فَأَقَامُوا وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ يُعَرِّفُهُ حَالَهُ، فَأَنْفَذَ لَهُ جَيْشًا، فَقَوِيَ بِهِمْ، وَعَادَ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْأَهْوَازِ، وَهَرَبَ الْبَرِيدِيُّ إِلَى الْبَصْرَةِ (وَاسْتَقَرَّ فِيهَا) فَاسْتَقَرَّ ابْنُ بُوَيْهِ بِالْأَهْوَازِ.
وَأَقَامَ بُجْكُمُ بِوَاسِطَ طَامِعًا فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى بَغْدَاذَ وَمَكَانِ ابْنِ رَائِقٍ، وَلَا يُظْهِرُ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْفَذَ ابْنُ رَائِقٍ عَلِيَّ بْنَ خَلَفِ بْنِ طَيَّابٍ إِلَى بُجْكُمَ لِيَسِيرَ مَعَهُ إِلَى الْأَهْوَازِ وَيُخْرِجَ مِنْهَا ابْنَ بُوَيْهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ وَلَايَتُهَا لِبُجْكُمَ وَالْخَرَاجُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، فَلَمَّا وَصَلَ عَلِيٌّ إِلَى بُجْكُمَ بِوَاسِطَ اسْتَوْزَرَهُ بُجْكُمُ، وَأَقَامَ مَعَهُ وَأَخَذَ بُجْكُمُ جَمِيعَ مَالِ وَاسِطَ.
وَلَمَّا رَأَى أَبُو الْفَتْحِ الْوَزِيرَ بِبَغْدَاذَ إِدْبَارَ الْأُمُورِ، أَطْمَعَ ابْنَ رَائِقٍ فِي مِصْرَ وَالشَّامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute