ذِكْرُ إِمَارَةِ كُورَتِكِينَ الدَّيْلَمِيِّ
لَمَّا هَرَبَ الْبَرِيدِيُّ، اسْتَوْلَى كُورَتِكِينُ عَلَى الْأُمُورِ بِبَغْدَاذَ، وَدَخَلَ إِلَى الْمُتَّقِي لِلَّهِ، فَقَلَّدَهُ إِمَارَةَ الْأُمَرَاءِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَاسْتَدْعَى الْمُتَّقِي عَلِيَّ بْنَ عِيسَى وَأَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عِيسَى، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَدَبَّرَ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ بِوِزَارَةٍ، ثُمَّ إِنَّ كُورَتِكِينَ قَبَضَ تُكَيْنَكَ التُّرْكِيَّ خَامِسَ شَوَّالٍ، وَغَرَّقَهُ، وَتَفَرَّدَ بِالْأَمْرِ، ثُمَّ إِنَّ الْعَامَّةَ اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَوَّالٍ، وَتَظَلَّمُوا مِنَ الدَّيْلَمِ وَنُزُولِهِمْ فِي دُورِهِمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ، فَمَنَعَتِ الْعَامَّةُ الْخَطِيبَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالدَّيْلَمُ، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمَاعَةٌ.
ذِكْرُ عَوْدِ ابْنِ رَائِقٍ إِلَى بَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ (أَبُو بَكْرٍ) مُحَمَّدُ بْنُ رَائِقٍ مِنَ الشَّامِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَصَارَ أَمِيرَ الْأُمَرَاءِ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَتْرَاكَ الْبُجْكُمِيَّةَ لَمَّا سَارُوا إِلَى الْمَوْصِلِ، لَمْ يَرَوْا عِنْدَ ابْنِ حَمْدَانَ مَا يُرِيدُونَ، فَسَارُوا نَحْوَ الشَّامِ إِلَى ابْنِ رَائِقٍ، وَكَانَ فِيهِمْ مِنَ الْقُوَّادِ تُوزُونُ، وَخَجْخَجُ، وَنُوشْتِكِينُ، وَصِيغُونُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ، أَطْمَعُوهُ فِي الْعَوْدِ إِلَى الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَصَلَتْ إِلَيْهِ كُتُبُ الْمُتَّقِي يَسْتَدْعِيهِ، فَسَارَ مِنْ دِمَشْقَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الشَّامِ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُقَاتِلٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، تَنَحَّى عَنْ طَرِيقِهِ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ، فَتَرَاسَلَا، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَتَصَالَحَا، وَحَمَلَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَيْهِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَسَارَ ابْنُ رَائِقٍ إِلَى بَغْدَاذَ، فَقَبَضَ كُورَتِكِينُ عَلَى الْقَرَارِيطِيِّ الْوَزِيرِ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute