للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الْكَرْخِيَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَكَانَتْ وِزَارَةُ الْقَرَارِيطِيُّ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا.

وَبَلَغَ خَبَرُ ابْنِ رَائِقٍ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، فَسَيَّرَ إِخْوَتَهُ إِلَى وَاسِطَ فَدَخَلُوهَا، وَأَخْرَجُوا الدَّيْلَمَ عَنْهَا، وَخَطَبُوا لَهُ بِوَاسِطَ، وَخَرَجَ كُورَتِكِينُ عَنْ بَغْدَاذَ إِلَى عُكْبَرَا، وَوَصَلَ إِلَيْهِ ابْنُ رَائِقٍ، فَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَاتَّصَلَتْ عِدَّةَ أَيَّامٍ.

فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْخَمِيسِ لِتِسْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، سَارَ ابْنُ رَائِقٍ لَيلًا مِنْ عُكْبَرَا هُوَ وَجَيْشُهُ، فَأَصْبَحَ بِبَغْدَاذَ فَدَخَلَهَا مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ هُوَ وَجَمِيعُ جَيْشِهِ، وَنَزَلَ فِي النَّجْمِيِّ، وَعَبَرَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَلَقِيَهُ، وَرَكِبَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ مَعَهُ فِي دِجْلَةَ، ثُمَّ عَادَ وَوَصَلَ هَذَا الْيَوْمَ بَعْدَ الظُّهْرِ كُورَتِكِينُ مَعَ جَمِيعِ جَيْشِهِ مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَكَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِأَصْحَابِ ابْنِ رَائِقٍ، وَيَقُولُونَ: أَيْنَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْقَافِلَةُ الْوَاصِلَةُ مِنَ الشَّامِ؟ وَنَزَلُوا بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ.

وَلَمَّا دَخَلَ كُورَتِكِينُ بَغْدَاذَ أَيِسَ ابْنُ رَائِقٍ مِنْ وَلَايَتِهَا، فَأَمَرَ بِحَمْلِ أَثْقَالِهِ وَالْعَوْدِ إِلَى الشَّامِ، فَرَفَعَ النَّاسُ أَثْقَالَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُ عَزَمَ (أَنْ يُنَاوِشَهُمْ) شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ قَبْلَ مَسِيرِهِ، فَأَمَرَ طَائِفَةً مِنْ عَسْكَرِهِ أَنْ يَعْبُرُوا دِجْلَةَ وَيَأْتُوا الْأَتْرَاكَ مِنْ وَرَائِهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُ رَكِبَ فِي سُمَيْرِيِّةٍ، وَرَكِبَ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي عِشْرِينَ سُمَيْرِيِّةٍ، وَوَقَفُوا يَرْمُونَ الْأَتْرَاكَ بِالنُّشَّابِ، وَوَصَلَ أَصْحَابُهُ وَصَاحُوا مِنْ خَلْفِهِمْ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ مَعَ أَصْحَابِ ابْنِ رَائِقٍ يَضِجُّونَ، فَظَنَّ كُورَتِكِينُ أَنَّ الْعَسْكَرَ قَدْ جَاءَهُ مَنْ خَلْفِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَاخْتَفَى هُوَ، وَرَجَمَهُمُ الْعَامَّةُ بِالْآجُرِّ وَغَيْرِهِ.

وَقَوِيَ أَمْرُ ابْنِ رَائِقٍ، وَأَخَذَ مَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ مِنَ الدَّيْلَمِ فَقَتَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، وَكَانُوا نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةٍ، فَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ اخْتَفَى بَيْنَ الْقَتْلَى، وَحُمِلَ مَعَهُمْ فِي الْجَوَالِيقِ، وَأُلْقِي فِي دِجْلَةَ فَسَلِمَ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا، وَقُتِلَ الْأَسْرَى مِنْ قُوَّادِ الدَّيْلَمِ، وَكَانُوا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>