ذِكْرُ مُرَاسَلَةِ الْمُتَّقِي تُوزُونَ فِي الْعَوْدِ
وَفِيهَا أَرْسَلَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ إِلَى تُوزُونَ يَطْلُبُ [مِنْهُ] الْعَوْدَ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى مِنْ بَنِي حَمْدَانَ تَضَجُّرًا بِهِ وَإِيثَارَ الْمُفَارَقَةِ، فَاضْطُرَّ إِلَى مُرَاسَلَةِ تُوزُونَ، فَأَرْسَلَ الْحَسَنَ بْنَ هَارُونَ وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيَّ إِلَيْهِ فِي الصُّلْحِ، فَلَقِيَهُمَا تُوزُونُ وَابْنُ شَيْرَزَادَ بِنِهَايَةِ الرَّغْبَةِ فِيهِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ، فَاسْتَوْثَقَا مِنْ تُوزُونَ وَحَلَّفَاهُ لِلْمُتَّقِي لِلَّهِ، وَأَحْضَرَ لِلْيَمِينِ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الْقُضَاةِ، وَالْعُدُولِ، وَالْعَبَّاسِيِّينَ، وَالْعَلَوِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْنَافِ النَّاسِ، وَحَلَفَ تُوزُونُ لِلْمُتَّقِي وَالْوَزِيرِ، وَكَتَبُوا خُطُوطَهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ذِكْرُ مِلْكِ الرُّوسِ مَدِينَةَ بَرْدَعَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الرُّوسِيَّةِ فِي الْبَحْرِ إِلَى نَوَاحِي أَذْرَبِيجَانَ، وَرَكِبُوا فِي الْبَحْرِ فِي نَهْرِ الْكَرِّ، وَهُوَ نَهْرٌ كَبِيرٌ، فَانْتَهَوْا إِلَى بَرْدَعَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ نَائِبُ الْمَرْزُبَانِ بِبَرْدَعَةَ فِي جَمْعٍ مِنَ الدَّيْلَمِ وَالْمُطَّوَّعَةِ يَزِيدُونَ عَلَى خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلٍ، فَلَقُوا الرُّوسَ، فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا سَاعَةً حَتَّى انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، وَقُتِلَ الدَّيْلَمُ عَنْ آخِرِهِمْ، تَبِعَهُمُ الرُّوسُ إِلَى الْبَلَدِ، فَهَرَبَ مَنْ كَانَ لَهُ مَرْكُوبٌ وَتَرَكَ الْبَلَدَ، فَنَزَلَهُ الرُّوسُ وَنَادَوْا فِيهِ بِالْأَمَانِ فَأَحْسَنُوا السِّيرَةَ.
وَأَقْبَلَتِ الْعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَكَانَتِ الرُّوسُ تُقَاتِلُهُمْ، فَلَا يَثْبُتُ الْمُسْلِمُونَ لَهُمْ، وَكَانَ عَامَّةُ الْبَلَدِ يَخْرُجُونَ وَيَرْجُمُونَ الرُّوسَ بِالْحِجَارَةِ، وَيَصِيحُونَ بِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute