للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ وَصَلَتْ كُتَامَةُ) فَنَزَلَتْ بِقَسَنْطِينَةَ، فَخَافَ أَبُو يَزِيدَ، فَسَارَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ مِنْ وَرْفَجُومَةَ وَغَيْرِهِمْ (إِلَى كُتَامَةَ) ، فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ، فَتَفَرَّقُوا، وَكَانَ الْبَرْبَرُ يَأْتُونَ إِلَى أَبِي يَزِيدَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَيَنْهَبُونَ، وَيَقْتُلُونَ، وَيَرْجِعُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، حَتَّى أَفْنَوْا مَا كَانَ فِي إِفْرِيقِيَّةَ: (فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ مَا يُنْهَبُ، تَوَقَّفُوا عَنِ الْمَجِيءِ إِلَيْهِ) فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى أَهْلِ أُورَاسَ وَبَنِي كَمْلَانَ.

(فَلَمَّا عَلِمَ الْقَائِمُ) تَفَرُّقَ عَسَاكِرِهِ، أَخْرَجَ عَسْكَرَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ شَدِيدٌ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ صَبَّحُوهُمْ مِنَ الْغَدِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ أَحَدٌ، وَكَانَ أَبُو يَزِيدَ قَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِ الرِّجَالِ مِنْ أُورَاسَ، ثُمَّ زَحَفَتْ عَسَاكِرُ الْقَائِمِ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ مِنْ خَنْدَقِهِ، وَاقْتَتَلُوا، وَاشْتَدَّ بَيْنَهُمُ الْقِتَالُ، فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يَزِيدَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، فَعَظُمَ قَتْلُهُ عَلَيْهِ، وَدَخَلَ خَنْدَقَهُ ثُمَّ عَاوَدَ الْقِتَالَ، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ مُظْلِمَةٌ، فَكَانَ الرَّجُلُ لَا يُبْصِرُ صَاحِبَهُ، فَانْهَزَمَ (عَسْكَرُ الْقَائِمِ) (وَقُتِلَ مِنْهُمْ) جَمَاعَةٌ وَعَادَ الْحِصَارُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَهَرَبَ (كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَهْدِيَّةِ) إِلَى جَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ، وَطَرَابُلُسَ، وَمِصْرَ، وَبَلَدِ الرُّومِ.

وَفِي آخِرِ ذِي الْقِعْدَةِ اجْتَمَعَ عِنْدَ أَبِي يَزِيدَ جُمُوعٌ عَظِيمَةٌ، وَتَقَدَّمَ إِلَى الْمَهْدِيَّةِ فَقَاتَلَ عَلَيْهَا، فَتَخَيَّرَ الْكُتَامِيُّونَ مِنْهُمْ مِائَتَيْ فَارِسٍ، فَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَتَلُوا فِي أَصْحَابِهِ كَثِيرًا، وَأَسَرُوا مِثْلَهُمْ، وَكَادُوا يَصِلُونَ إِلَيْهِ، فَقَاتَلَ أَصْحَابُهُ دُونَهُ وَخَلَّصُوهُ، وَفَرِحَ أَهْلُ الْمَهْدِيَّةِ، وَأَخَذُوا الْأَسْرَى فِي الْحِبَالِ إِلَى الْمَهْدِيَّةِ، (وَدَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>