ذَلِكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَسَاكِرَ مِنَ الْقَيْرَوَانِ لِلْجِهَادِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَلَانَ لَهُمُ الْقَوْلَ، وَخَوَّفَهُمُ الْقَائِمُ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ.
وَتَسَامَعَ النَّاسُ فِي الْبِلَادِ بِذَلِكَ، فَأَتَاهُ الْعَسَاكِرُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى لَمَّا سُمِعُوا تَفَرُّقَ عَسَاكِرِهِ عَنْهُ، أَخَذُوا عُمَّالَهُ، فَمِنْهُمْ (مَنْ قُتِلَ، وَمِنْهُمْ) مَنْ أُرْسِلَ إِلَى الْمَهْدِيَّةِ.
وَثَارَ أَهْلُ سُوسَةَ، فَقَبَضُوا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَرْسَلُوهُمْ إِلَى الْقَائِمِ، فَشَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ سَبْعَةَ مَرَاكِبَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عَسَاكِرُ أَبِي يَزِيدَ، أَرْسَلَ الْجُيُوشَ إِلَى الْبِلَادِ وَأَمَرَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْخَرَابِ وَإِحْرَاقِ الْمَنَازِلِ، فَوَصَلَ عَسْكَرُهُ إِلَى تُونُسَ، فَدَخَلُوهَا بِالسَّيْفِ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَنَهَبُوا جَمِيعَ مَا فِيهَا، وَسَبَوُا النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، وَقَتَلُوا الرِّجَالَ، (وَهَدَمُوا الْمَسَاجِدَ) ، وَنَجَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَحْرِ فَغَرِقَ.
فَسَيَّرَ إِلَيْهِمُ الْقَائِمُ عَسْكَرًا إِلَى تُونُسَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُ أَبِي يَزِيدَ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْقَائِمِ هَزِيمَةً قَبِيحَةً، وَحَالَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، وَالْتَجَئُوا إِلَى جَبَلِ الرُّصَاصِ، ثُمَّ إِلَى اصْطَفُورَةَ، فَتَبِعَهُمْ عَسْكَرُ أَبِي يَزِيدَ فَلَحِقُوهُمْ وَاقْتَتَلُوا، وَصَبَرَ عَسْكَرُ الْقَائِمِ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ أَبِي يَزِيدَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلَقٌ كَثِيرٌ، وَقَتَلُوا، حَتَّى دَخَلُوا تُونُسَ خَامِسَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجُوا مَنْ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يَزِيدَ بَعْدَ أَنْ قَتَلُوا أَكْثَرَهُمْ، وَأُخِذَ لَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ.
وَكَانَ لِأَبِي يَزِيدَ وَلَدٌ اسْمُهُ أَيُّوبُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ أَخْرَجَ مَعَهُ عَسْكَرًا كَثِيرًا، فَاجْتَمَعَ مَعَ مَنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَرَجَعُوا إِلَى تُونُسَ فَقَتَلُوا مَنْ عَادَ إِلَيْهَا وَأَحْرَقُوا مَا بَقِيَ فِيهَا، وَتَوَجَّهَ إِلَى بَاجَّةَ، فَقَتَلَ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ، وَدَخَلَهَا بِالسَّيْفِ وَأَحْرَقَهَا، وَكَانَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالتَّخْرِيبِ مَا لَا يُوصَفُ.
وَاتَّفَقَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ أَبِي يَزِيدَ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْقَائِمِ فَرَغَّبَهُمْ وَوَعَدَهُمْ، فَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِأَبِي يَزِيدَ فَقَتَلَهُمْ، وَهَجَمَ رِجَالٌ مِنَ الْبَرْبَرِ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَجُلٍ مَنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ، وَأَخَذُوا مَالَهُ وَثَلَاثَ بَنَاتٍ أَبْكَارٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَامَ الرَّجُلُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute