للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَامِعِ وَصَاحَ، وَذَكَرَ مَا حَلَّ بِهِ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَصَاحُوا، فَاجْتَمَعَ الْخَلْقُ الْعَظِيمُ، وَوَصَلُوا إِلَى أَبِي يَزِيدَ فَأَسْمَعُوهُ كَلَامًا غَلِيظًا، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَلَطَفَ بِهِمْ وَأَمَرَ بَرِدِّ الْبَنَاتِ.

فَلَمَّا انْصَرَفُوا وَجَدُوا فِي طَرِيقِهِمْ رَجُلًا مَقْتُولًا، فَسَأَلُوا عَنْهُ، فَقِيلَ إِنَّ فَضْلَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ قَتَلَهُ وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً، فَحَمَلَ النَّاسُ الْمَقْتُولَ إِلَى الْجَامِعِ، وَقَالُوا: لَا طَاعَةَ إِلَّا لِلْقَائِمِ، وَأَرَادُوا الْوُثُوبَ بِأَبِي يَزِيدَ، فَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ أَبِي يَزِيدَ عِنْدَهُ وَلَامُوهُ، وَقَالُوا: فَتَحْتَ عَلَى نَفْسِكِ مَا لَا طَاقَةَ لَكَ بِهِ لَا سِيَّمَا وَالْقَائِمُ قَرِيبٌ مِنَّا، فَجَمَعَ أَهْلَ الْقَيْرَوَانِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْعُهُودَ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ، وَيَنْهَبُ، وَلَا يَأْخُذُ الْحَرِيمَ، فَأَتَاهُ سَبْيُ أَهْلِ تُونُسَ وَهُمْ عِنْدَهُ، فَوَثَبُوا إِلَيْهِمْ وَخَلَّصُوهُمْ.

وَكَانَ الْقَائِمُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى مُقَدَّمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُسَمَّى عَلِيَّ بْنَ حَمْدُونَ يَأْمُرُهُ بِجَمْعِ الْعَسَاكِرِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسِيلَةِ، فَجَمَعَ مِنْهَا وَمِنْ سَطِيفَ وَغَيْرِهَا، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَتَبِعَهُ بَعْضُ بَنِي هَرَاسَ فَقَصَدَ الْمَهْدِيَّةَ، فَسَمِعَ بِهِ أَيُّوبُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَهُوَ بِمَدِينَةِ بَاجَّةَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَلِيُّ بْنُ حَمْدُونَ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَيُّوبُ وَكَبَسَهُ وَاسْتَبَاحَ عَسْكَرَهُ، وَقَتَلَ فِيهِمْ وَغَنِمَ أَثْقَالَهُمْ، وَهَرَبَ عَلِيٌّ الْمَذْكُورُ، ثُمَّ سَيَّرَ أَيُّوبُ جَرِيدَةَ خَيْلٍ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْ عَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ خَرَجُوا إِلَى تُونُسَ، فَسَارُوا وَاجْتَمَعُوا، وَوَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (فَكَانَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ قِتَالٌ عَظِيمٌ) (قُتِلَ فِيهِ) جَمْعٌ كَثِيرٌ وَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْقَائِمِ، ثُمَّ عَادُوا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً، (وَعَزَمُوا عَلَى الْمَوْتِ، وَحَمَلُوا) حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ أَبِي يَزِيدَ وَقَتَلُوا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَأُخِذَتْ أَثْقَالُهُمْ وَعِدَدُهُمْ، وَانْهَزَمَ أَيُّوبُ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْقَيْرَوَانِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي يَزِيدَ، وَأَرَادَ أَنْ يَهْرَبَ (عَنِ الْقَيْرَوَانِ) ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>