وَالْقُضَاةِ بِإِحْلَالِ دَمِهِ، فَأَحْضَرَهَا، وَأَحْضَرَ الْقُضَاةَ وَالْفُقَهَاءَ فِي دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَأُخْرِجَ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَسُئِلَ الْفُقَهَاءُ عَنِ الْفَتَاوَى، فَاعْتَرَفُوا أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ رَقَبَتِهِ، فَقُتِلَ وَصُلِبَ، ثُمَّ أُنْزِلَ وَأُحْرِقَ، وَنُهِبَتْ دَارُهُ، وَكَانَ هَذَا آخِرَ أَمْرِ الْبَرِيدِيِّينَ، وَكَانَ قَتْلُهُ مُنْتَصَفَ ذِي الْحِجَّةِ.
وَفِيهَا نَقَلَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ الْقَاهِرَ بِاللَّهِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ إِلَى دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ بِهِ الضُّرُّ وَالْفَقْرُ إِلَى أَنْ كَانَ مُلْتَفًّا بِقُطْنِ جُبَّةٍ، وَفِي رِجْلِهِ قَبْقَابُ خَشَبٍ.
ذِكْرُ مَسِيرِ أَبِي عَلِيٍّ إِلَى الرَّيِّ وَعَوْدِهِ قَبْلَ مِلْكِهَا
لَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمِيرُ نُوحٌ فِي وَلَايَتِهِ (بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَخُرَاسَانَ) ، أَمَرَ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مُحْتَاجٍ أَنْ يَسِيرَ فِي عَسَاكِرِ خُرَاسَانَ إِلَى الرَّيِّ وَيَسْتَنْقِذَهَا مِنْ يَدِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، فَسَارَ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَلَقِيَهُ وَشْمَكِيرُ بِخُرَاسَانَ وَهُوَ يَقْصِدُ الْأَمِيرَ نُوحًا، فَسَيَّرَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ نُوحٌ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَهُ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا أَبُو عَلِيٍّ فَإِنَّهُ سَارَ نَحْوَ الرَّيِّ، فَلَمَّا نَزَلَ بِبِسْطَامَ خَالَفَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ، وَعَادُوا عَنْهُ مَعَ مَنْصُورِ بْنِ قَرَاتَكِينَ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ نُوحٍ وَخَوَاصِّهِ، فَسَارُوا نَحْوَ جُرْجَانَ، وَبِهَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ، فَصَدَّهُمُ الْحَسَنُ عَنْهَا، فَانْصَرَفُوا إِلَى نَيْسَابُورَ، وَسَارَ أَبُو عَلِيٍّ (نَحْوَ الرَّيِّ) فِيمَنْ بَقِيَ مَعَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رُكْنُ الدَّوْلَةِ مُحَارِبًا، فَالْتَقَوْا عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الرَّيِّ، وَكَانَ مَعَ أَبِي عَلِيٍّ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَكْرَادِ، فَغَدَرُوا بِهِ، وَاسْتَأْمَنُوا إِلَى رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَانْهَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ، وَعَادَ نَحْوَ نَيْسَابُورَ وَغَنِمُوا بَعْضَ أَثْقَالِهِ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ وَشْمَكِيرَ عَلَى جُرْجَانَ
لَمَّا عَادَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى نَيْسَابُورَ، لَقِيَهُ وَشْمَكِيرُ، وَقَدْ سَيَّرَهُ الْأَمِيرُ نُوحٍ وَمَعَهُ جَيْشٌ فِيهِمْ مَالِكُ بْنُ شَكَرْتَكِينَ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ يَأْمُرُهُ بِمُسَاعَدَةِ وَشْمَكِيرَ، فَوُجِّهَ فِيمَنْ مَعَهُ إِلَى جُرْجَانَ، وَبِهَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا فَانْهَزَمَ الْحَسَنُ، وَاسْتَوْلَى وَشْمَكِيرُ عَلَى جُرْجَانَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute