للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَادُهُ) ، وَمَضَى هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَوْصِلِ نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَوَصَلَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى سَامِرَّا فِي شَعْبَانَ، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بِعُكْبَرَا.

وَفِي رَمَضَانَ سَارَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مَعَ الْمُطِيعِ لِلَّهِ إِلَى عُكْبَرَا، فَلَمَّا سَارَ عَنْ بَغْدَاذَ لَحِقَ ابْنُ شَيْرَزَادَ بِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ مَعَ عَسْكَرٍ لِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ، (فَاسْتَوْلُوا عَلَيْهَا، وَدَبَّرَ ابْنُ شَيْرَزَادَ الْأُمُورَ بِهَا نِيَابَةً عَنْ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ) ، (وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ) يُحَارِبُ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا كَانَ عَاشِرُ رَمَضَانَ، سَارَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ مِنْ سَامِرَّا إِلَى بَغْدَاذَ فَأَقَامَ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْخَبَرَ، سَارَ إِلَى تَكْرِيتَ فَنَهَبَهَا ; لِأَنَّهَا كَانَتْ لِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَعَادَ الْخَلِيفَةُ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَنَزَلُوا بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَنَزَلَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَلَمْ يُخْطَبْ لِلْمُطِيعِ بِبَغْدَاذَ.

ثُمَّ وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ بِبَغْدَاذَ، وَانْتَشَرَتْ أَعْرَابُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَمَنَعُوا أَصْحَابَ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْمِيرَةِ وَالْعَلَفِ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ عَلَى الدَّيْلَمِ، حَتَّى بَلَغَ الْخُبْزُ عِنْدَهُمْ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ وَرُبُعٍ، وَكَانَ السِّعْرُ عِنْدَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ رَخِيصًا، كَانَتْ تَأْتِيهِ الْمِيرَةُ فِي دِجْلَةَ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَكَانَ الْخُبْزُ عِنْدَهُ كُلُّ خَمْسَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ.

وَمَنَعَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي عَلَيْهَا اسْمُ الْمُطِيعِ، وَضَرَبَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ عَلَى سِكَّةِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَعَلَيْهَا اسْمُ الْمُتَّقِي لِلَّهِ، وَاسْتَعَانَ ابْنُ شَيْرَزَادَ بِالْعَيَّارِينَ وَالْعَامَّةِ عَلَى حَرْبِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَكَانَ يَرْكَبُ فِي الْمَاءِ وَهُمْ مَعَهُ وَيُقَاتِلُ الدَّيْلَمَ.

وَفِي بَعْضِ اللَّيَالِي عَبَرَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ فِي أَلْفِ فَارِسٍ لِكَبْسِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَلَقِيَهُمْ أَسْفَهْدُوَسْتُ فَهَزَمَهُمْ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ شَجَاعَةً، وَضَاقَ الْأَمْرُ بِالدَّيْلَمِ حَتَّى عَزَمَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَقَالَ: نَعْمَلُ مَعَهُمْ حِيلَةً هَذِهِ الْمَرَّةَ، فَإِنْ أَفَادَتْ وَإِلَّا عُدْنَا، فَرَتَّبَ مَا مَعَهُ مِنَ الْمَعَابِرِ بِنَاحِيَةِ الثَّمَّارِينَ، وَأَمَرَ وَزِيرَهُ أَبَا جَعْفَرٍ الصَّيْمَرِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>