سَارَ عِنْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ (سَيْفِ الدَّوْلَةِ مِنَ الرُّحْبَةِ إِلَى الرَّقَّةِ فَمَلَكَهَا، وَسَارَ) إِلَى نَصِيبِينَ وَجَمَعَ مَنْ أَطَاعَهُ، وَطَالَبَ إِخْوَتَهُ بِالْإِفْرَاجِ عَنْ وَالِدِهِ وَإِعَادَتِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَسَارَ أَبُو تَغْلِبَ، (إِلَيْهِ لِيُحَارِبَهُ، فَانْهَزَمَ حَمْدَانُ قَبْلَ اللِّقَاءِ إِلَى الرَّقَّةِ، فَنَازَلَهُ أَبُو تَغْلِبَ) وَحَصَرَهُ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى دَخَنٍ، وَعَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَوْضِعِهِ.
وَعَاشَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْهَيْجَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ حَمْدُونَ التَّغْلِبِيُّ شُهُورًا، وَمَاتَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، (وَدُفِنَ بِتَلِّ تَوْبَةَ، شَرْقِيَّ الْمَوْصِلِ) ، وَقَبَضَ أَبُو تَغْلِبَ أَمْلَاكَ أَخِيهِ حَمْدَانَ، وَسَيَّرَ أَخَاهُ أَبَا الْبَرَكَاتِ إِلَى حَمْدَانَ، فَلَمَّا قَرُبَ الرُّحْبَةَ اسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ حَمْدَانَ، فَانْهَزَمَ حِينَئِذٍ، وَقَصَدَ الْعِرَاقَ مُسْتَأْمِنًا إِلَى بَخْتِيَارَ، فَوَصَلَ بَغْدَاذَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَأَكْرَمَهُ بَخْتِيَارُ وَعَظَّمَهُ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ هَدِيَّةً كَثِيرَةً جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ وَمَعَهَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِثْلُهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ النَّقِيبَ أَبَا أَحْمَدَ الْمُوسَوِيَّ وَالِدَ الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ فِي الصُّلْحِ مَعَ أَخِيهِ، فَاصْطَلَحَا، وَعَادَ حَمْدَانُ إِلَى الرُّحْبَةِ، وَكَانَ مَسِيرُهُ مِنْ بَغْدَاذَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو الْبَرَكَاتِ بِمَسِيرِ أَخِيهِ حَمْدَانَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَارَقَ الرُّحْبَةَ، وَدَخَلَهَا حَمْدَانُ، وَرَاسَلَهُ أَخُوهُ أَبُو تَغْلِبَ فِي الِاجْتِمَاعِ بِهِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَعَادَ أَبُو تَغْلِبَ وَسَيَّرَ إِلَيْهِ أَخَاهُ أَبَا الْبَرَكَاتِ، فَلَمَّا عَلِمَ حَمْدَانُ بِذَلِكَ فَارَقَهَا، فَاسْتَوْلَى أَبُو الْبَرَكَاتِ عَلَيْهَا، وَاسْتَنَابَ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ، وَعَادَ إِلَى الرَّقَّةِ ثُمَّ إِلَى عَرَبَانَ.
فَلَمَّا سَمِعَ حَمْدَانُ بِعَوْدَتِهِ عَنْهَا، وَكَانَ بِبَرِّيَّةِ تَدْمُرَ، عَادَ إِلَيْهَا فِي شَعْبَانَ، فَوَافَاهَا لَيْلًا، فَأَصْعَدَ جَمَاعَةً مِنْ غِلْمَانِهِ السُّورَ، وَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الْبَلَدِ فَدَخَلَهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَنْ بِهِ مِنَ الْجُنْدِ، فَلَمَّا صَارَ فِي الْبَلَدِ وَأَصْبَحَ أَمَرَ بِضَرْبِ الْبُوقِ، (فَبَادَرَ مَنْ بِالرُّحْبَةِ مِنَ الْجُنْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute