وَدَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
(وَسَارَ حَمْدَانُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا آخِرَ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتِّينَ) [وَثَلَاثِمِائَةٍ] مُلْتَجِئًا إِلَى بَخْتِيَارَ وَمَعَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ، وَكَانَ أَخُوهُمَا الْحُسَيْنُ قَدْ عَادَ إِلَى أَخِيهِ أَبِي تَغْلِبَ مُسْتَأْمِنًا، وَحَمَلَ بَخْتِيَارُ إِلَى حَمْدَانَ وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ هَدَايَا جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ، وَأَكْرَمَهُمَا وَاحْتَرَمَهُمَا.
ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ الرُّومُ بِالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ مَلِكُ الرُّومِ الشَّامَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَحَدٌ، وَلَا قَاتَلَهُ، فَسَارَ فِي الْبِلَادِ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَأَحْرَقَ رَبَضَهَا، وَحَصَرَ قَلْعَةَ عِرْقَةَ، فَمَلَكَهَا وَنَهَبَهَا وَسَبَى مَنْ فِيهَا.
وَكَانَ صَاحِبُ طَرَابُلُسَ قَدْ أَخْرَجَهُ أَهْلُهَا لِشِدَّةِ ظُلْمِهِ، فَقَصَدَ عِرْقَةَ، فَأَخَذَهُ الرُّومُ وَجَمِيعَ مَالِهِ، وَكَانَ كَثِيرًا.
وَقَصَدَ (مَلِكُ الرُّومِ) حِمْصَ، وَكَانَ أَهْلُهَا قَدِ انْتَقَلُوا عَنْهَا وَأَخْلَوْهَا فَأَحْرَقَهَا مَلِكُ الرُّومِ وَرَجَعَ إِلَى بُلْدَانِ السَّاحِلِ (فَأَتَى عَلَيْهَا نَهْبًا وَتَخْرِيبًا) ، وَمَلَكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْبَرًا، فَأَمَّا الْقِرَى فَكَثِيرٌ لَا يُحْصَى، وَأَقَامَ فِي الشَّامِ شَهْرَيْنِ يَقْصِدُ أَيَّ مَوْضِعٍ شَاءَ، وَلَا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ كَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ، فَأَتَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَتَنَصَّرُوا وَكَادُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، فَامْتَنَعَتِ الْعَرَبُ مِنْ قَصْدِهِمْ، وَصَارَ لِلرُّومِ الْهَيْبَةُ الْعَظِيمَةُ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْضُرَ أَنْطَاكِيَةَ وَحَلَبَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَهَا قَدْ أَعَدُّوا الذَّخَائِرَ وَالسِّلَاحَ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَعَادَ وَمَعَهُ مِنَ السَّبْيِ نَحْوُ مِائَةِ أَلْفَ رَأْسٍ، وَلَمْ يَأْخُذْ إِلَّا الصِّبْيَانَ، وَالصَّبَايَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute