ثُمَّ إِنَّ الْمَغَارِبَةَ أَرَادُوا نَهْبَ قَيْنِيَةَ وَاللُّؤْلُؤَةَ، فَوَقَعَ الصَّائِحُ فِي أَهْلِ الْبَلَدِ، فَنَفَرُوا، وَقَاتَلُوا الْمَغَارِبَةَ فِي السَّابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَرَكِبَ أَبُو مَحْمُودٍ فِي جُمُوعِهِ وَزَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَوِيَ الْمَغَارِبَةُ، وَانْهَزَمَ الْعَامَّةُ إِلَى سُورِ الْبَلَدِ، فَصَبَرُوا عِنْدَهُ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ، وَكَثُرَ النَّشَّابُ عَلَى الْمَغَارِبَةِ فَأَثْخَنَ فِيهِمْ، فَعَادُوا، فَتَبِعَهُمُ الْعَامَّةُ، فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى الْعَوْدَةِ، فَعَادُوا، وَحَمَلُوا عَلَى الْعَامَّةِ فَانْهَزَمُوا، وَتَبِعُوهُمْ إِلَى الْبَلَدِ، وَخَرَجَ ظَالِمٌ مِنْ دَارِ الْإِمَارَةِ.
وَأَلْقَى الْمَغَارِبَةُ النَّارَ فِي الْبَلَدِ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَأَحْرَقُوا تِلْكَ النَّاحِيَةَ فَأَخَذَتِ النَّارُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَأَحْرَقَتْ مِنَ الْبَلَدِ كَثِيرًا، وَهَلَكَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَمَا لَا يُحَدُّ مِنَ الْأَثَاثِ وَالرِّحَالِ وَالْأَمْوَالِ، وَبَاتَ النَّاسُ عَلَى أَقْبَحِ صُورَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُمُ اصْطَلَحُوا هُمْ وَأَبُو مَحْمُودٍ، ثُمَّ انْتَقَضُوا، وَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ إِلَى رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ جَيْشِ بْنِ الصَّمْصَامَةِ دِمَشْقَ
ثُمَّ عَادَتِ الْفِتْنَةُ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتَرَدَّدُوا فِي الصُّلْحِ، فَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ بَيْنَ الْقَائِدِ أَبِي مَحْمُودٍ وَالدِّمَشْقِيِّينَ عَلَى إِخْرَاجِ ظَالِمٍ مِنَ الْبَلَدِ، وَأَنْ يَلِيَهُ جَيْشُ بْنُ الصَّمْصَامَةِ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ أَبِي مَحْمُودٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَخَرَجَ ظَالِمٌ مِنَ الْبَلَدِ، وَوَلِيَهُ جَيْشُ بْنُ الصَّمْصَامَةِ، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَهُ وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ.
ثُمَّ إِنَّ الْمَغَارِبَةَ بَعْدَ أَيَّامٍ عَاثُوا وَأَفْسَدُوا بَابَ الْفَرَادِيسِ، فَثَارَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ وَقَاتَلُوهُمْ، وَقَتَلُوا مَنْ لَحِقُوهُ، وَصَارُوا إِلَى الْقَصْرِ الَّذِي فِيهِ جَيْشٌ، فَهَرَبَ مِنْهُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ الْمَغَارِبَةِ، وَلَحِقَ بِالْعَسْكَرِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، وَهُوَ أَوَّلُ جُمَادَى الْأُولَى مِنَ السَّنَةِ، زَحَفَ جَيْشٌ فِي الْعَسْكَرِ إِلَى الْبَلَدِ، وَقَاتَلَهُ أَهْلُهُ، فَظَفِرَ بِهِمْ وَهَزَمَهُمْ، وَأَحْرَقَ مِنَ الْبَلَدِ مَا كَانَ سَلِمَ، وَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ أَيَّامًا كَثِيرَةً فَاضْطَرَبَ النَّاسُ وَخَافُوا، وَخَرِبَتِ الْمَنَازِلُ، وَانْقَطَعَتِ الْمَوَادُّ، وَانْسَدَّتِ الْمَسَالِكُ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، وَقُطِعَ الْمَاءُ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute