للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَلَدِ، فَبَطَلَتِ الْقَنَوَاتُ وَالْحَمَّامَاتُ، وَمَاتَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ عَلَى الطُّرُقَاتِ مِنَ الْجُوعِ وَالْبَرْدِ، فَأَتَاهُمُ الْفَرَجُ بِعَزْلِ أَبِي مَحْمُودٍ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ رَيَّانَ الْخَادِمِ دِمَشْقَ

لَمَّا كَانَ بِدِمَشْقَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقِتَالِ، وَالتَّحْرِيقِ، وَالتَّخْرِيبِ، وَصَلَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى الْمُعِزِّ صَاحِبِ مِصْرَ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَاسْتَبْشَعَهُ وَاسْتَعْظَمَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْقَائِدِ رَيَّانَ الْخَادِمِ، وَالِي طَرَابُلُسَ، وَيَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى دِمَشْقَ لِمُشَاهَدَةِ حَالِهَا وَكَشْفِ أُمُورِ أَهْلِهَا، (وَتَعْرِيفِهِ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ) ، وَأَنْ يَصْرِفَ الْقَائِدَ أَبَا مَحْمُودٍ عَنْهَا، فَامْتَثَلَ رَيَّانُ ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَشَفَ الْأَمْرُ فِيهَا وَكَتَبَ بِهِ إِلَى الْمُعِزِّ، وَتَقَدَّمَ إِلَى الْقَائِدِ أَبِي مَحْمُودٍ بِالِانْصِرَافِ عَنْهَا، فَسَارَ فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَبَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ مَعَ رَيَّانَ. وَبَقِيَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ وَلِيَ الْفَتْكِينُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

ذِكْرُ حَالِ بَخْتِيَارَ بَعْدَ قَبْضِ الْأَتْرَاكِ

لَمَّا فَعَلَ بَخْتِيَارُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْضِ الْأَتْرَاكِ ظَفِرَ بِذَخِيرَةٍ لِآزَادْرَوَيْهِ بِجَنْدِيسَابُورَ، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ رَأَى مَا فَعَلَهُ الْأَتْرَاكُ مَعَ سُبُكْتِكِينَ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ بِسَوَادِ الْأَهْوَازِ قَدْ عَصَوْا عَلَيْهِ، وَاضْطَرَبَ عَلَيْهِ غِلْمَانُهُ الَّذِينَ فِي دَارِهِ، وَأَتَاهُ مَشَايِخُ الْأَتْرَاكِ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَعَاتَبُوهُ عَلَى مَا فَعَلَ بِهِمْ، وَقَالَ لَهُ عُقَلَاءُ الدَّيْلَمِ: لَا بُدَّ لَنَا فِي الْحَرْبِ مِنَ الْأَتْرَاكِ يَدْفَعُونَ عَنَّا بِالنُّشَّابِ، فَاضْطَرَبَ رَأْيُ بَخْتِيَارَ، ثُمَّ أَطْلَقَ آزَادْرَوَيْهِ، وَجَعَلَهُ صَاحِبَ الْجَيْشِ مَوْضِعَ سُبُكْتِكِينَ، وَظَنَّ أَنَّ الْأَتْرَاكَ يَأْنَسُونَ بِهِ، وَأَطْلَقَ الْمُعْتَقَلِينَ وَسَارَ إِلَى وَالِدَتِهِ وَإِخْوَتِهِ بِوَاسِطَ، وَكَتَبَ إِلَى عَمِّهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ وَإِلَى ابْنِ عَمِّهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ يَسْأَلُهُمَا أَنْ يُنْجِدَاهُ، وَيَكْشِفَا مَا نَزَلَ بِهِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُسَاعِدَهُ بِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَسْقَطَ عَنْهُ الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ بِالْبَطِيحَةِ خِلَعًا وَأَسْقَطَ عَنْهُ بَاقِيَ الْمَالِ الَّذِي اصْطَلَحَا عَلَيْهِ وَخَطَبَ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَيِّرَ إِلَيْهِ عَسْكَرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>