بَمَّ، فَانْهَزَمَ يُوزْتَمَرُ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَحَصَرَهُ الْمُطَهِّرُ فِي حِصْنٍ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ، فَطَلَبَ الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَمَعَهُ طَاهِرٌ فَأَمَرَ الْمُطَهِّرَ بِطَاهِرٍ فَشُهِرَ، ثُمَّ ضُرِبَ عُنُقُهُ.
وَأَمَّا يُوزْتَمَرُ فَإِنَّهُ رَفَعَهُ إِلَى الْقِلَاعِ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ، وَسَارَ الْمُطَهِّرُ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ إِلْيَاسَ، فَرَأَى كَثْرَةَ مَنْ مَعَهُ، فَخَافَ جَانِبَهُمْ، وَلَمْ يَجِدْ مِنَ اللِّقَاءِ بُدًّا، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ الْحُسَيْنُ عَلَى بَابِ جِيرُفْتَ، وَانْهَزَمَ عَسْكَرُهُ فَمَنَعَهُمْ سُورُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْهَرَبِ، فَكَثُرَ فِيهِمُ الْقَتْلُ، وَأُخِذَ الْحُسَيْنُ أَسِيرًا، وَأُحْضِرَ عِنْدَ الْمُطَهِّرِ، فَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ بَعْدُ خَبَرٌ، وَصَلُحَتْ كَرْمَانُ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ الْفَتْكِينِ دِمَشْقَ وَمَاكَانَ مِنْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ
قَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ مِنِ انْهِزَامِ الْفَتْكِينِ التُّرْكِيِّ، مَوْلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهٍ، مِنْ مَوْلَاهُ بَخْتِيَارَ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَمِنْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ فِي فِتْنَةِ الْأَتْرَاكِ بِالْعِرَاقِ، فَلَمَّا انْهَزَمَ مِنْهُمْ سَارَ فِي طَائِفَةٍ صَالِحَةٍ مِنَ الْجُنْدِ التُّرْكِ، فَوَصَلَ إِلَى حِمْصَ، فَنَزَلَ بِالْقُرْبِ مِنْهَا، فَقَصَدَهُ ظَالِمُ بْنُ مَوْهُوبٍ الْعُقَيْلِيُّ الَّذِي كَانَ أَمِيرَ دِمَشْقَ لِلْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ، فَعَادَ عَنْهُ وَسَارَ الْفَتْكِينُ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلَ بِظَاهِرِهَا.
وَكَانَ أَمِيرُهَا حِينَئِذٍ رَيَّانَ الْخَادِمَ لِلْمُعِزِّ، وَكَانَ الْأَحْدَاثُ قَدْ غَلَبُوا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لِلْأَعْيَانِ مَعَهُمْ حُكْمٌ، وَلَا لِلسَّلْطَنَةِ عَلَيْهِمْ طَاعَةٌ، فَلَمَّا نَزَلَ خَرَجَ أَشْرَافُهَا وَشُيُوخُهَا إِلَيْهِ، وَأَظْهَرُوا لَهُ السُّرُورَ بِقُدُومِهِ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ، وَيَمْلِكَ بَلَدَهُمْ، وَيُزِيلَ عَنْهُمْ سِمَةَ الْمِصْرِيِّينَ، فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَهَا بِمُخَالَفَةِ الِاعْتِقَادِ، وَلِظُلْمِ عُمَّالِهِمْ، وَيَكُفُّ عَنْهُمْ شَرَّ الْأَحْدَاثِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَخْلَفَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ، وَحَلَفَ لَهُمْ عَلَى الْحِمَايَةِ وَكَفَّ الْأَذَى عَنْهُمْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَدَخَلَ الْبَلَدَ، وَأَخْرَجَ عَنْهُ رَيَّانَ الْخَادِمَ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْمُعِزِّ، وَخَطَبَ لِلطَّائِعِ لِلَّهِ فِي شَعْبَانَ، وَقَمَعَ أَهْلَ الْعَيْثِ وَالْفَسَادِ، وَهَابَهُ النَّاسُ كَافَّةً، وَأَصْلَحَ كَثِيرًا مِنْ أُمُورِهِمْ.
فَكَانَتِ الْعَرَبُ قَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَى سَوَادِ الْبَلَدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ، فَقَصَدَهُمْ، وَأَوْقَعَ بِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute