فَخَرَجَ إِلَى يَلْتَكِينَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُرِيدُ إِصْلَاحَ الْبَلَدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَيَنْزِلُوا بِظَاهِرِ الْبَلَدِ، فَفَعَلُوا. وَحَذَّرَ قَسَّامٌ، وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ بِمُبَاشَرَةِ الْحَرْبِ، فَقَاتَلُوا دَفْعَاتٍ عِدَّةً فَقَوِيَ عَسْكَرُ يَلْتَكِينَ، وَدَخَلُوا أَطْرَافَ الْبَلَدِ، وَمَلَكُوا الشَّاغُورَ، وَأَحْرَقُوا وَنَهَبُوا، فَاجْتَمَعَ مَشَايِخُ الْبَلَدِ عِنْدَ قَسَّامٍ، وَكَلَّمُوهُ فِي أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى يَلْتَكِينَ، وَيَأْخُذُوا أَمَانًا لَهُمْ وَلَهُ، فَانْخَذَلَ (وَذَلَّ، وَخَضَعَ بَعْدَ تَجَبُّرِهِ وَتَكَبُّرِهِ وَقَالَ: افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ.
وَعَادَ أَصْحَابُ قَسَّامٍ) إِلَيْهِ، فَوَجَدُوهُ خَائِفًا، مُلْقِيًا بِيَدِهِ، فَأَخَذَ كُلٌّ لِنَفْسِهِ.
وَخَرَجَ شُيُوخُ الْبَلَدِ إِلَى يَلْتَكِينَ، فَطَلَبُوا مِنْهُ الْأَمَانَ لَهُمْ وَلِقَسَّامٍ، فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ: أُرِيدُ [أَنْ] أَتَسَلَّمَ الْبَلَدَ الْيَوْمَ فَقَالُوا: افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ! فَأَرْسَلَ وَالِيًا يُقَالُ (لَهُ ابْنُ) خَطْلَخَ، وَمَعَهُ خَيْلٌ وَرَجْلٌ.
وَكَانَ مَبْدَأُ هَذِهِ الْحَرْبِ وَالْحَصْرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَ [ثَلَاثِمِائَةٍ] لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْهُ، وَالدُّخُولُ إِلَى الْبَلَدِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْهُ، وَلَمْ يَعْرِضْ لِقَسَّامٍ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَقَامَ قَسَّامٌ فِي الْبَلَدِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ اسْتَتَرَ، فَأَخَذَ كُلَّ مَا فِي دَارِهِ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ دُورِ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْخِيَامِ، فَقَصَدَ حَاجِبَ يَلْتَكِينَ وَعَرَّفَهُ نَفْسَهُ، فَأَخَذَهُ وَحَمَلَهُ إِلَى يَلْتَكِينَ، فَحَمَلَهُ يَلْتَكِينُ إِلَى مِصْرَ، فَأَطْلَقَهُ الْعَزِيزُ، وَاسْتَرَاحَ النَّاسُ مِنْ تَحَكُّمِهِ عَلَيْهِمْ، وَتَغَلُّبِهِ بِمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْأَحْدَاثِ، مِنْ أَهْلِ الْعَيْثِ وَالْفَسَادِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَحْدَبُ الْمُزَوِّرُ، وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى خَطِّ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute