وَقَالَ أَبْيَاتًا مِنْهَا بَيْتٌ لَمْ يُفْلِحْ بَعْدَهُ، (وَهِيَ هَذِهِ) :
لَيْسَ شُرْبُ الْكَأْسِ إِلَّا ... فِي الْمَطَرْ، وَغِنَاءٌ مِنْ جِوَارٍ
فِي السَّحَرْ غَانِيَّاتٍ، سَالِبَاتٍ ... لِلنُّهَى، نَاغِمَاتٍ فِي تَضَاعِيفِ الْوَتَرْ
مُبْرِزَاتِ الْكَأْسِ مِنْ مَطْلَعِهَا
،
سَاقِيَاتِ الرَّاحِ مَنْ فَاقَ الْبَشَرْ ... عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَابْنَ رُكْنِهَا
مَلِكَ الْأَمْلَاكِ غَلَّابَ الْقَدَرْ
وَهَذَا الْبَيْتُ هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ.
وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ فِي قَصْرِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْغِلْمَانِ يَحْمِلُ إِلَيْهِمْ مُشَاهَرَاتِهِمْ مِنَ الْخِزَانَةِ، فَأَمَرَ أَبَا نَصْرٍ خُوَاشَاذَهْ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى الْخَازِنِ بِأَنْ يُسَلِّمَ جَامَكِيَّةِ الْغِلْمَانِ إِلَى نَقِيبِهِمْ فِي شَهْرٍ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ: فَأُنْسِيتُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَسَأَلَنِي عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ: أُنْسِيتُهُ فَأَغْلَظَ لِي، فَقُلْتُ: أَمْسِ اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ، وَالسَّاعَةَ نَحْمِلُ الْمَالَ، وَمَا هَاهُنَا مَا يُوجِبُ شَغْلَ الْقَلْبِ.
فَقَالَ: الْمُصِيبَةُ بِمَا لَا تَعْلَمُهُ مِنَ الْغَلَطِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي التَّفْرِيطِ، أَلَا تَعْلَمُ أَنَّا إِذَا أَطْلَقْنَا لَهُمْ مَالَهُمْ قَبْلَ مَحَلِّهِ كَانَ الْفَضْلُ لَنَا عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَخَّرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ، حَتَّى اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ الْآخَرُ، حَضَرُوا عِنْدَ عَارِضِهِمْ وَطَالَبُوهُ، فَيَعِدُهُمْ فَيَحْضُرُونَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَيَعِدُهُمْ، ثُمَّ يَحْضُرُونَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، (وَيَبْسُطُونَ أَلْسِنَتَهُمْ) ، فَتَضِيعُ الْمِنَّةُ، وَتَحْصُلُ الْجُرْأَةُ، وَنَكُونُ إِلَى الْخَسَارَةِ أَقْرَبَ مِنَّا إِلَى الرِّبْحِ.
وَكَانَ لَا يُعَوِّلُ فِي الْأُمُورِ إِلَّا عَلَى الْكُفَاةِ، وَلَا يَجْعَلُ لِلشَّفَاعَاتِ طَرِيقًا إِلَى مُعَارَضَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الشَّافِعِ، وَلَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute