وَاجْتَمَعَ إِخْوَتُهُ عَلَى طَاعَتِهِ، مِنْهُمْ أَخُوهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ، فَنَازَعَهُ فَائِقٌ الْوِلَايَةَ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] عِنْدَ مُلْكِ التُّرْكِ بُخَارَى، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي الْفَرَجِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ وَمُلْكِ أَبِي الْمَعَالِي ابْنِ أَخِيهِ الْحَسَنِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ صَاحِبُ الْبَطِيحَةِ، وَوَلِيَ، أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ أَخِيهِ الْحَسَنِ.
وَسَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ قَدَّمَ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ سَاعَدُوهُ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ، وَوَضَعَ مِنْ حَالِ مُقَدَّمِي الْقُوَّادِ، فَجَمَعَهُمُ الْمُظَفَّرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَاجِبُ، وَهُوَ أَكْبَرُ قُوَّادِ أَبِيهِ عِمْرَانَ وَأَخِيهِ الْحَسَنِ، وَحَذَّرَهُمْ عَاقِبَةَ أَمْرِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ أَبِي الْفَرَجِ، فَقَتَلَهُ الْمُظَفَّرُ وَأَجْلَسَ أَبَا الْمَعَالِي مَكَانَهُ، وَتَوَلَّى تَدْبِيرَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَتَلَ كُلَّ مَنْ كَانَ يَخَافُهُ مِنَ الْقُوَّادِ، وَلَمْ يَتْرُكْ مَعَهُ إِلَّا مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَكَانَ أَبُو الْمَعَالِي صَغِيرًا.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْمُظَفَّرِ عَلَى الْبَطِيحَةِ
لَمَّا طَالَتْ أَيَّامُ عَلِيٍّ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَاجِبِ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، طَمِعَ فِي الِاسْتِقْلَالِ بِأَمْرِ الْبَطِيحَةِ، فَوَضَعَ كِتَابًا عَنْ لِسَانِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ إِلَيْهِ يَتَضَمَّنُ التَّعْوِيلَ عَلَيْهِ فِي وِلَايَةِ الْبَطِيحَةِ، وَسَلَّمَهُ إِلَى رِكَابِيٍّ غَرِيبٍ، وَأَمْرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ إِذَا كَانَ الْقُوَّادُ وَالْأَجْنَادُ عِنْدَهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَتَاهُ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْغُبَارِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَبَّلَهُ وَفَتَحَهُ، وَقَرَأَهُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْأَجْنَادِ، وَأَجَابَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَعَزَلَ أَبَا الْمَعَالِي، وَجَعَلَهُ مَعَ وَالِدَتِهِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمَا جِرَايَةً، ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا إِلَى وَاسِطَ، وَكَانَ يَصِلُهُمَا بِمَا يُنْفِقَانِهِ، وَاسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ وَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَعَدَلَ فِي النَّاسِ مُدَّةً.
ثُمَّ إِنَّهُ عَهِدَ إِلَى ابْنِ أُخْتِهِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْمُلَقَّبِ بِمُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِينَئِذٍ بِالْأَمِيرِ الْمُخْتَارِ، وَبَعْدَهُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهِ الْأُخْرَى، وَانْقَرَضَ بَيْتُ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ، وَكَذَلِكَ الدُّنْيَا دُوَلٌ، وَمَا أَشْبَهَ حَالَهُ بِحَالِ بَاذٍ، فَإِنَّهُ مَلَكَ، وَانْتَقَلَ الْمُلْكُ إِلَى ابْنِ أُخْتِهِ مُمَهِّدِ الدَّوْلَةِ ابْنِ مَرْوَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute