ذِكْرُ عِصْيَانِ مُحَمَّدِ بْنِ غَانِمٍ
وَفِيهَا عَصَى مُحَمَّدُ بْنُ غَانِمٍ الْبَرْزِيكَانِيُّ بِنَاحِيَةِ كُورَدْرَ، مِنْ أَعْمَالٍ قُمَّ، عَلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَأَخَذَ بَعْضَ غَلَّاتِ السُّلْطَانِ، وَامْتَنَعَ بِحِصْنِ الْهَفْتَجَانِ، وَجَمَعَ الْبَرْزِيكَانِيَّ إِلَى نَفْسِهِ، فَسَارَتْ إِلَيْهِ الْعَسَاكِرُ، فِي شَوَّالٍ، لِقِتَالِهِ، فَهَزَمَهَا، وَأُعِيدَتْ إِلَيْهِ مِنَ الرَّيِّ مَرَّةً أُخْرَى فَهَزَمَهَا.
فَأَرْسَلَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَبِي النَّجْمِ بَدْرِ بْنِ حَسْنُوَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُهُ بِإِصْلَاحِ الْحَالِ مَعَهُ، فَفَعَلَ، وَرَاسَلَهُ، فَاصْطَلَحُوا أَوَّلَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] (وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ) ، فَسَارَ إِلَيْهِ جَيْشٌ لِفَخْرِ الدَّوْلَةِ، فَقَاتَلَهُ، فَأَصَابَتْهُ طَعْنَةٌ، وَأُخِذَ أَسِيرًا، فَمَاتَ مِنْ طَعْنَتِهِ.
ذِكْرُ انْتِقَالِ بَعْضِ صِنْهَاجَةَ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ وَمَا فَعَلُوهُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَقَلَ أَوْلَادُ زِيرِي بْنِ مَنَادٍ، وَهُمْ زَاوِي وَجَلَالَةُ وَمَاكْسَنُ إِخْوَةُ بُلُكِّينَ، إِلَى الْأَنْدَلُسِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَخِيهِمْ حَمَّادٍ حُرُوبٌ وَقِتَالٌ عَلَى بِلَادٍ بَيْنَهُمْ، فَغَلَبَهُمْ حَمَّادٌ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى طَنْجَةَ وَمِنْهَا إِلَى قُرْطُبَةَ، فَأَنْزَلَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ وَسُرَّ بِهِمْ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمُ الْوَظَائِفَ وَأَكْرَمَهُمْ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ سَبَبِ انْتِقَالِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُ، وَقَالُوا لَهُ: إِنَّمَا اخْتَرْنَاكَ عَلَى غَيْرِكَ، وَأَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكَ نُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَوَعَدَهُمْ وَوَصَلَهُمْ، فَأَقَامُوا أَيَّامًا.
ثُمَّ دَخَلُوا عَلَيْهِ وَسَأَلُوهُ إِتْمَامَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الْغَزْوِ، فَقَالَ: انْظُرُوا مَا أَرَدْتُمْ مِنَ الْجُنْدِ نُعْطِكُمْ فَقَالُوا: مَا يَدْخُلُ مَعَنَا بِلَادَ الْعَدُوِّ غَيْرُنَا إِلَّا الَّذِينَ مَعَنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا، وَصِنْهَاجَةَ وَمَوَالِينَا فَأَعْطَاهُمُ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ وَالْأَمْوَالَ، وَبَعَثَ مَعَهُمْ دَلِيلًا، وَكَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، فَأَتَوْا أَرْضَ جِلِّيقِيَّةَ، فَدَخَلُوهَا لَيْلًا، وَكَمَنُوا فِي بُسْتَانٍ بِالْقُرْبِ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute