إِلَيْهَا، وَكَانَ الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ كَاتَبُوا أَخَاهُ مَحْمُودًا يَسْتَدْعُونَهُ، وَوَعَدُوهُ الْمَيْلَ إِلَيْهِ، فَجَدَّ فِي الْمَسِيرِ، وَالْتَقَى هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ بِظَاهِرِ غَزْنَةَ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ إِسْمَاعِيلُ وَصَعِدَ إِلَى قَلْعَةِ غَزْنَةَ فَاعْتَصَمَ بِهَا، فَحَصَرَهُ أَخُوهُ مَحْمُودٌ وَاسْتَنْزَلَهُ بِأَمَانٍ. فَلَمَّا نَزَلَ إِلَيْهِ أَكْرَمَهُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ، وَشَرَكَهُ فِي مُلْكِهِ وَعَادَ إِلَى بَلْخَ وَاسْتَقَامَتِ الْمَمَالِكُ لَهُ.
وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِ إِسْمَاعِيلَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَهُوَ فَاضِلٌ، حَسَنُ الْمَعْرِفَةِ، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ، وَخُطَبٌ فِي بَعْضِ الْجُمُعَاتِ، فَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ لِلْخَلِيفَةِ: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١] .
ذِكْرُ وَفَاةِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهٍ وَمُلْكِ ابْنِهِ مَجْدِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ بُوَيْهٍ بِقَلْعَةِ طَبَرْقَ فِي شَعْبَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَكَلَ لَحْمًا مَشْوِيًّا، وَأَكَلَ بَعْدَهُ عِنَبًا، فَأَخَذَهُ الْمَغَصُ، ثُمَّ اشْتَدَّ مَرَضُهُ فَمَاتَ مِنْهُ. فَلَمَّا مَاتَ كَانَتْ مَفَاتِيحُ الْخَزَائِنِ بِالرَّيِّ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَجْدِ الدَّوْلَةِ، فَطَلَبُوا لَهُ كَفَنًا فَلَمْ يَجِدُوهُ، وَتَعَذَّرَ النُّزُولُ إِلَى الْبَلَدِ لِشِدَّةِ شَغَبِ الدَّيْلَمِ، فَاشْتَرَوْا لَهُ مِنْ قَيِّمِ الْجَامِعِ ثَوْبًا كَفَّنُوهُ فِيهِ، وَزَادَ شَغَبُ الْجُنْدِ فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ دَفْنُهُ فَبَقِيَ حَتَّى أَنْتَنَ ثُمَّ دَفَنُوهُ.
وَحِينَ تُوُفِّيَ قَامَ بِمُلْكِهِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ مَجْدُ الدَّوْلَةِ أَبُو طَالِبٍ رُسْتَمُ، وَعُمْرُهُ أَرْبَعُ سِنِينَ، أَجْلَسَهُ الْأُمَرَاءُ فِي الْمُلْكِ، وَجَعَلُوا أَخَاهُ شَمْسَ الدَّوْلَةِ بِهَمَذَانَ وَقِرْمِيسِينَ إِلَى حُدُودِ الْعِرَاقِ. وَكَانَ الْمَرْجِعُ إِلَى وَالِدَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي تَدَبُّرِ الْمُلْكِ، وَعَنْ رَأْيِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute