للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَارَ هَذَا الشَّارِ، فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا اللَّقَبَ هُوَ الشَّارُ، لَقَبُ كُلِّ مَنْ يَمْلِكُ بِلَادَ غَرْشِسْتَانَ، كَكِسْرَى لِلْفُرْسِ، وَقَيْصَرَ لِلرُّومِ، وَالنَّجَّاشِيِّ لِلْحَبَشَةِ، وَكَانَ الشَّارُ أَبُو نَصْرٍ قَدِ اعْتَزَلَ الْمُلْكَ وَسَلَّمَهُ إِلَى وَلَدِهِ الشَّاهْ، وَفِيهِ لُوثَةٌ وَهَوَجٌ، وَاشْتَغَلَ وَالِدُهُ أَبُو نَصْرٍ بِالْعُلُومِ وَمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ.

وَلَمَّا عَصَى أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِيمْجُورَ عَلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ أَرْسَلَ إِلَى غَرْشِسْتَانَ مَنْ حَصَرَهَا، وَأَجْلَى عَنْهَا الشَّاهِ الشَّارَ وَوَالِدَهُ أَبَا نَصْرٍ، فَقَصَدَا حِصْنًا مَنِيعًا فِي آخِرِ وِلَايَتِهِمَا، فَتَحَصَّنَا بِهِ إِلَى أَنْ جَاءَ سُبُكْتِكِينُ إِلَى نُصْرَةِ الْأَمِيرِ نُوحٍ، فَنَزَلَا إِلَيْهِ وَأَعَانَاهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ وَعَادَا إِلَى مُلْكِهِمَا. فَلَمَّا مَلَكَ الْآنَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودٌ خُرَاسَانَ أَطَاعَاهُ وَخَطَبَا لَهُ.

ثُمَّ إِنَّ يَمِينَ الدَّوْلَةِ، بَعْدَ هَذَا، أَرَادَ الْغَزْوَةَ إِلَى الْهِنْدِ، فَجَمَعَ لَهَا وَتَجَهَّزَ، وَكَتَبَ إِلَى الشَّاهِ الشَّارِ يَسْتَدْعِيهِ لِيَشْهَدَ مَعَهُ غَزْوَتَهُ فَامْتَنَعَ وَعَصَى، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَزْوَتِهِ، سَيَّرَ إِلَيْهِ الْجُيُوشَ لِيَمْلِكُوا بِلَادَهُ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْبِلَادَ طَلَبَ وَالِدُهُ أَبُو نَصْرٍ الْأَمَانَ، فَأُجِيبُ إِلَى ذَلِكَ، وَحُمِلَ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ فَأَكْرَمَهُ، وَاعْتَذَرَ أَبُو نَصْرٍ بِعُقُوقِ وَلَدِهِ، وَخِلَافِهِ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بِهَرَاةَ مُتَوَسَّعًا عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

وَأَمَّا وَلَدُهُ الشَّاهْ، فَإِنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ الْحِصْنَ الَّذِي احْتَمَى بِهِ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ، فَأَقَامَ بِهِ وَمَعَهُ أَمْوَالُهُ وَأَصْحَابُهُ، فَحَصَرَهُ عَسْكَرُ يَمِينِ الدَّوْلَةِ فِي حِصْنِهِ، وَنَصَبُوا عَلَيْهِ الْمَجَانِيقَ، وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ بِالْقِتَالِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَانْهَدَمَتْ أَسْوَارُ حِصْنِهِ، وَتَسَلَّقَ الْعَسْكَرُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَيْقَنَ بِالْعَطَبِ طَلَبَ الْأَمَانَ، وَالْعَسْكَرُ يُقَاتِلُهُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أُخِذَ أَسِيرًا، وَحُمِلَ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ، فَضُرِبَ تَأْدِيبًا لَهُ، ثُمَّ أُودِعَ السِّجْنَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ مَوْتِ وَالِدِهِ.

وَرَأَيْتُ عِدَّةَ مُجَلَّدَاتٍ مِنْ كِتَابِ " التَّهْذِيبِ " لِلْأَزْهَرِيِّ فِي اللُّغَةِ بِخَطِّهِ، وَعَلَيْهِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>