اللَّيْلِ حُرِّكَتِ السِّلْسِلَةُ فَيُصَوِّتُ الْجَرَسُ فَيَقُومُ طَائِفَةٌ مِنَ الْبَرَهْمِيِّينَ إِلَى عِبَادَتِهِمْ، وَعِنْدَهُ خِزَانَةٌ فِيهَا عَدَدٌ مِنَ الْأَصْنَامِ الذَّهَبِيَّةِ وَالْفِضِّيَّةِ، وَعَلَيْهَا السُّتُورُ الْمُعَلَّقَةُ الْمُرَصَّعَةُ بِالْجَوْهَرِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَنْسُوبٌ إِلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ، وَقِيمَةُ مَا فِي الْبُيُوتِ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأُخِذَ الْجَمِيعُ، وَكَانَتْ عَدَدُ الْقَتْلَى تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ.
ثُمَّ إِنَّ يَمِينَ الدَّوْلَةِ وَرَدَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ أَنَّ بَهِيمَ صَاحِبَ أَنْهَلْوَارَةَ قَدْ قَصَدَ قَلْعَةً تُسَمَّى كَنَدْهَةَ فِي الْبَحْرِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَرِّ مِنْ جِهَةِ سُومَنَاتَ أَرْبَعُونَ فَرْسَخًا، فَسَارَ إِلَيْهَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مِنْ سُومَنَاتَ، فَلَمَّا حَاذَى الْقَلْعَةَ رَأَى رَجُلَيْنِ مِنَ الصَّيَّادِينَ، فَسَأَلَهُمَا عَنْ خَوْضِ الْبَحْرِ هُنَاكَ، فَعَرَّفَاهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ خَوْضُهُ لَكِنْ إِنْ تَحَرَّكَ الْهَوَاءُ يَسِيرًا غَرِقَ مَنْ فِيهِ. فَاسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى، وَخَاضَهُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فَخَرَجُوا سَالِمِينَ، فَرَأَوْا بَهِيمَ وَقَدْ فَارَقَ قَلْعَتَهُ وَأَخْلَاهَا فَعَادَ عَنْهَا، وَقَصَدَ الْمَنْصُورَةَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ مَجِيءِ يَمِينِ الدَّوْلَةِ فَارَقَهَا وَاحْتَمَى بِغِيَاضِ أَشِبَةَ، فَقَصَدَهُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ، فَأَحَاطَ بِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ، فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ، وَغَرِقَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ.
ثُمَّ سَارَ إِلَى بَهَاطِيَةَ، فَأَطَاعَهُ أَهْلُهَا، وَدَانُوا لَهُ، فَرَحَلَ إِلَى غَزْنَةَ، فَوَصَلَهَا عَاشِرَ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ وَفَاةِ مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ وَمُلْكِ أَخِيهِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تُوُفِّيَ الْمَلِكُ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute