مَسْعُودٍ بِهَا وَمَنْ مَعَهُ (مِنَ الْعَسْكَرِ) ، فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ مِنْهُمْ وَعَادَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ عَسْكَرِهِ.
ثُمَّ إِنَّ عَلَاءَ الدَّوْلَةِ بْنَ كَاكَوَيْهِ، لَمَّا بَلَغَهُ وَفَاةُ يَمِينِ الدَّوْلَةِ كَانَ بِخُوزِسْتَانَ عِنْدَ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ أَيِسَ مِنْ نَصْرِهِ، وَتَفَرَّقَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَالْبَاقُونَ عَلَى عَزْمِ مُفَارَقَتِهِ وَهُوَ خَائِفٌ مِنْ مَسْعُودٍ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ مِنْ أَصْبَهَانَ فَلَا يَقْوَى هُوَ وَأَبُو كَالِيجَارَ بِهِ، فَأَتَاهُ مِنَ الْفَرَجِ بِمَوْتِ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ فَلَمَّا سَمِعَ الْخَبَرَ سَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَمَلَكَهَا، وَمَلَكَ هَمَذَانَ، وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْبِلَادِ، وَسَارَ إِلَى الرَّيِّ فَمَلَكَهَا، وَامْتَدَّ إِلَى أَعْمَالِ أَنُوشَرْوَانَ بْنِ مُنُوجَهْرَ بْنِ قَابُوسَ فَأَخَذَ مِنْهُ خُوَارَ الرَّيِّ وَدُنْبَاوَنْدَ.
فَكَتَبَ أَنُوشَرْوَانُ إِلَى مَسْعُودٍ يُهَنِّئُهُ بِالْمُلْكِ، وَسَأَلَهُ تَقْرِيرَ الَّذِي عَلَيْهِ بِمَالٍ يَحْمِلُهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِ عَسْكَرًا مِنْ خُرَاسَانَ، فَسَارُوا إِلَى دُنْبَاوَنْدَ فَاسْتَعَادُوهَا، وَسَارُوا نَحْوَ الرَّيِّ، فَأَتَاهُمُ الْمَدَدُ وَالْعَسَاكِرُ، وَمِمَّنْ أَتَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ عِمْرَانَ، فَكَثُرَ جَمْعُهُمْ فَحَصَرُوا الرَّيَّ، وَبِهَا عَلَاءُ الدَّوْلَةِ، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، فَدَخَلَ الْعَسْكَرُ الرَّيَّ قَهْرًا، وَالْفِيَلَةُ مَعَهُمْ، فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ وَالدَّيْلَمِ، وَنُهِبَتِ الْمَدِينَةُ، وَانْهَزَمَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ، وَتَبِعَهُ بَعْضُ الْعَسْكَرِ وَجَرَحَهُ فِي رَأْسِهِ وَكَتِفِهِ، فَأَلْقَى لَهُمْ دَنَانِيرَ كَانَتْ مَعَهُ، فَاشْتَغَلُوا بِهَا عَنْهُ، فَنَجَا، وَسَارَ إِلَى قَلْعَةِ فَرْدَجَانَ، عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا مِنْ هَمَذَانَ، فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ بَرِأَ مِنْ جِرَاحَتِهِ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذَكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَخُطِبَ بِالرَّيِّ وَأَعْمَالِ أَنُوشَرْوَانَ لِمَسْعُودٍ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَسْكَرِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ وَأَبِي كَالِيجَارَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَوَّالٍ، سَيَّرَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا إِلَى الْمَذَارِ، وَبِهَا عَسْكَرُ أَبِي كَالِيجَارَ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ أَبِي كَالِيجَارَ، وَاسْتَوْلَى أَصْحَابُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْمَذَارَ، وَعَمِلُوا بِأَهْلِهَا كُلَّ مَحْظُورٍ.
فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو كَالِيجَارَ الْخَبَرَ سَيَّرَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا كَثِيفًا، فَاقْتَتَلُوا بِظَاهِرِ الْبَلَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute