للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَا صَارِمٌ أَغْمَدَتْهُ يَدٌ لَنَا

بَعْدَكَ الصَّارِمُ الْمُنْتَضَى

وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. وَأَرْسَلَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ قَاضِيَ الْقُضَاةِ أَبَا الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيَّ إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ لِيَأْخُذَ عَلَيْهِ الْبَيْعَةَ، وَيَخْطُبَ لَهُ فِي بِلَادِهِ، فَأَجَابَ وَبَايَعَ، وَخَطَبَ لَهُ فِي بِلَادِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ هَدَايَا جَلِيلَةً وَأَمْوَالًا كَثِيرَةً.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِبَغْدَاذَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تَجَدَّدَتِ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُلَقَّبَ بِالْمَذْكُورِ أَظْهَرَ الْعَزْمَ عَلَى الْغَزَاةِ وَاسْتَأْذَنَ الْخَلِيفَةَ فِي ذَلِكَ، فَأَذِنَ لَهُ، وَكُتِبَ لَهُ مَنْشُورٌ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَأُعْطِيَ عَلَمًا، فَاجْتَمَعَ لَهُ لَفِيفٌ كَثِيرٌ، فَسَارَ وَاجْتَازَ بِبَابِ الشَّعِيرِ، وَطَاقِ الْحَرَّانِيِّ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الرِّجَالُ بِالسِّلَاحِ فَصَاحُوا بِذِكْرِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَالُوا: هَذَا يَوْمُ مُعَاوِيَةَ، فَنَافَرَهُمْ أَهْلُ الْكَرْخِ وَرَمَوْهُمْ، وَثَارَتِ الْفِتْنَةُ وَنُهِبَتْ دُورُ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ قِيلَ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ أَعَانُوا أَهْلَ الْكَرْخِ.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ اجْتَمَعَ السُّنَّةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَمَعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَقَصَدُوا الْكَرْخِ، فَأَحْرَقُوا وَهَدَمُوا الْأَسْوَاقَ، وَأَشْرَفَ أَهْلُ الْكَرْخِ عَلَى خُطَّةٍ عَظِيمَةٍ. وَأَنْكَرَ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَنُسِبَ إِلَيْهِمْ تَخْرِيقُ عَلَامَتِهِ الَّتِي مَعَ الْغَزَاةِ، فَرَكِبَ الْوَزِيرُ، فَوَقَعَتْ فِي صَدْرِهِ آجُرَّةٌ، فَسَقَطَتْ عِمَامَتُهُ، وَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْكَرْخِ جَمَاعَةٌ، وَأُحْرِقَ وَخَرِّبَ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ سُوقُ الْعَرُوسِ، وَسُوقُ الصَّفَّارِينَ، وَسُوقُ الْأَنْمَاطِ، وَسُوقُ الدَّقَّاقِينَ، وَغَيْرُهَا، وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، فَقَتَلَ الْعَامَّةُ الْكَلَالِكِيَّ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمَعُونَةِ، وَأَحْرَقُوهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>