للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْوَحْشَةِ بَيْنَ بَارَسْطُغَانَ وَجَلَالِ الدَّوْلَةِ

اجْتَمَعَ أَصَاغِرُ الْغِلْمَانِ هَذِهِ السَّنَةَ إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ هَلَكْنَا فَقْرًا وَجُوعًا، وَقَدِ اسْتَبَدَّ الْقُوَّادُ بِالدَّوْلَةِ وَالْأَمْوَالِ عَلَيْكَ وَعَلَيْنَا، وَهَذَا بَارَسْطُغَانُ وَيَلْدَرَكُ قَدْ أَفْقَرَانَا وَأَفْقَرَاكَ أَيْضًا.

فَلَمَّا بَلَغَهُمَا ذَلِكَ امْتَنَعَا مِنَ الرُّكُوبِ إِلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَاسْتَوْحَشَا، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا الْغِلْمَانُ يُطَالِبُونَهُمَا بِمَعْلُومِهِمْ، فَاعْتَذَرَا بِضِيقِ أَيْدِيهِمَا عَنْ ذَلِكَ، وَسَارَا إِلَى الْمَدَائِنِ. فَنَدِمَ الْأَتْرَاكُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا جَلَالُ الدَّوْلَةِ مُؤَيِّدَ الْمُلْكِ الرُّخَّجِيَّ وَالْمُرْتَضَى وَغَيْرَهُمَا، فَرَجَعَا، وَزَادَ تَسَحُّبُ الْغِلْمَانِ عَلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ إِلَى أَنْ نَهَبُوا مِنْ دَارِهِ فُرُشًا، وَآلَاتٍ، وَدَوَابًّا، وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَرَكِبَ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ قَلِيلٌ مِنَ الرِّكَابِيَّةِ وَالْغِلْمَانِ وَجَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْعَامَّةِ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَانْزَعَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ حُضُورِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ الْحَالَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَى دَارِهِ، وَيُطَيِّبُ قَلْبَهُ، فَقَبَّلَ قَرَبُوسَ سَرْجِهِ وَمَسَحَ حَائِطَ الدَّارِ بِيَدِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَعَادَ إِلَى دَارِهِ وَالْعَامَّةُ مَعَهُ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبِلَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاكُولَا شَهَادَةَ أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَادِي، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُهْتَدِي، وَشَهِدَ عِنْدَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بِشْرَانَ، وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَفِيهَا فَوَّضَ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ إِمَارَةَ الرَّيِّ، وَهَمَذَانَ، وَالْجِبَالِ إِلَى تَاشَ فَرَّاشَ، وَكَتَبَ لَهُ إِلَى عَامِلِ نَيْسَابُورَ بِإِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ عَلَى حَشَمِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَسَارَ إِلَى عَمَلِهِ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>