عَلَى الْجَبَلِ كَثِيرًا، فَهَلَكَ مِنَ الْعَسْكَرِ فِي مَخَارِمِ الْجَبَلِ وَشِعَابِهِ كَثِيرٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ ظَفِرُوا بِأَهْلِهِ وَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الْقَتْلَ وَالْأَسْرَ وَفَرَغُوا مِنْهُمْ، وَأَرَاحُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِمْ.
وَسَارَ مَسْعُودٌ إِلَى نَيْسَابُورَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، لِيُرِيحَ وَيَسْتَرِيحَ، وَيَنْتَظِرَ الرَّبِيعَ لِيَسِيرَ خَلْفَ الْغُزِّ، وَيَطْلُبَهُمْ فِي الْمَفَاوِزِ الَّتِي احْتَمَوْا بِهَا. وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ، إِجْلَاءُ الْغُزِّ عَنْ خُرَاسَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ مُلْكِ أَبِي الشَّوْكِ مَدِينَةَ خُولَنْجَانَ
كَانَ حُسَامُ الدَّوْلَةِ أَبُو الشَّوْكِ قَدْ فَتَحَ قَرْمِيسِينَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَبَلِ، وَقَبَضَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَهُوَ مِنَ الْأَكْرَادِ الْقُوهِيَّةِ، فَسَارَ أَخُوهُ إِلَى قَلْعَةِ أَرْنَبَةَ، فَاعْتَصَمَ بِهَا مِنْ أَبِي الشَّوْكِ، وَجَعَلَ أَصْحَابَهُ فِي مَدِينَةِ خُولَنْجَانَ يَحْفَظُونَهَا مِنْهُ أَيْضًا.
فَلَمَّا كَانَ الْآنَ سَيَّرَ أَبُو الشَّوْكِ عَسْكَرًا إِلَى خُولَنْجَانَ فَحَصَرُوهَا، فَلَمْ يَظْفَرُوا مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَأَمَرَ الْعَسْكَرَ فَعَادَ فَأَمِنَ مَنْ فِي الْبَلَدِ بِعَوْدِ الْعَسْكَرِ عَنْهُ.
ثُمَّ جَهَّزَ عَسْكَرًا آخَرَ جَرِيدَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ أَحَدٌ، وَسَيَّرَهُمْ لِيَوْمِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ بِنَهْبِ رَبَضِ قَلْعَةِ أَرْنَبَةَ، وَقَتْلِ مَنْ ظَفِرُوا بِهِ وَالْإِتْمَامِ لِوَقْتِهِمْ إِلَى خُولَنْجَانَ لِيَسْبِقُوا خَبَرَهُمْ إِلَيْهَا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَوَصَلُوا إِلَيْهَا وَمَنْ بِهَا غَيْرُ مُتَأَهِّبِينَ فَاقْتَتَلُوا شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ، ثُمَّ اسْتَسْلَمَ مَنْ بِالْمَدِينَةِ إِلَيْهِمْ فَتَسَلَّمُوهَا، وَتَحَصَّنَ مَنْ كَانَ بِهَا مِنَ الْأَجْنَادِ فِي قَلْعَةٍ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ، فَحَصَرَهَا أَصْحَابُ أَبِي الشَّوْكِ، فَمَلَكُوهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ بِحَرَّانَ وَالرَّقَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَطَبَ شَبِيبُ بْنُ وَثَّابٍ النُّمَيْرِيُّ، صَاحِبُ حَرَّانَ وَالرَّقَّةِ، لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ الْعَلَوِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute