طُغْرُلْبَك الرَّيَّ مِنْهُ، وَتَسَلَّمَ غَيْرَهَا مِنْ بَلَدِ الْجَبَلِ، وَسَارَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى سِجِسْتَانَ، وَأَخَذَ طُغْرُلْبَك أَيْضًا قَلْعَةَ طَبَرَكَ مِنْ مَجْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ مُكْرَمًا، وَأَمَرَ طُغْرُلْبَك بِعِمَارَةِ الرَّيِّ، وَكَانَتْ قَدْ خُرِّبَتْ، فَوَجَدَ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ مَرَاكِبَ ذَهَبٍ مُجَوْهَرَةً وَبَرْنِيَّتَيْ صِينِيٍّ مَمْلُوءَتَيْنِ جَوْهَرًا وَمَالًا كَثِيرًا، وَغَيْرَ ذَلِك َ.
وَكَانَ كَامَرُّو يُهَادِي طُغْرُلْبَك وَهُوَ بِخُرَاسَانَ وَيَخْدِمُهُ، وَخَدَمَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا كَانَ بِالرَّيِّ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ أَهْدَى لَهُ هَدَايَا كَثِيرَةً مِنْ أَنْوَاعٍ شَتَّى، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ طُغْرُلْبَك يَزِيدُ فِي إِقْطَاعِهِ، وَيَرْعَى لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خِدْمَتِهِ لَهُ، فَخَابَ ظَنُّهُ، وَقَرَّرَ عَلَى مَا بِيَدِهِ كُلَّ سَنَةٍ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.
ثُمَّ سَارَ إِلَى قَزْوِينَ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا، فَزَحَفَ إِلَيْهِمْ وَرَمَاهُمْ بِالسِّهَامِ وَالْحِجَارَةِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقِفُوا عَلَى السُّورِ، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ بَرْشَقَ، وَأَخَذَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا، فَلَمَّا رَأَى كَامَرُّو وَمَرْدَاوَيْجُ بْنُ بَسُّو ذَلِكَ خَافُوا أَنْ يَمْلِكَ الْبَلَدَ عَنْوَةً وَيَنْهَبَ، فَمَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الْقِتَالِ، وَأَصْلَحُوا الْحَالَ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَارَ صَاحِبُهَا فِي طَاعَتِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى كُوكْتَاشَ وَبُوقَا وَغَيْرَهُمَا مِنْ أُمَرَاءِ الْغُزِّ الَّذِينَ تَقَدَّمَ خُرُوجُهُمْ - يُمَنِّيهِمْ وَيَدَعُوهُمْ إِلَى الْحُضُورِ فِي خِدْمَتِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ سَارُوا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى نَهْرٍ بِنَوَاحِي زِنْجَانَ، ثُمَّ أَعَادُوا رَسُولَهُ، وَقَالُوا لَهُ: قُلْ لَهُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ غَرَضَكَ أَنْ تَجْمَعَنَا لِتَقْبِضَ عَلَيْنَا، وَالْخَوْفُ مِنْكَ أَبْعَدَنَا عَنْكَ، وَقَدْ نَزَلْنَا هَاهُنَا، فَإِنْ أَرَدْتَنَا قَصَدْنَا خُرَاسَاَ أَوِ الرُّومَ، وَلَا نَجْتَمِعُ بِكَ أَبَدًا.
وَأَرْسَلَ طُغْرُلْبَك إِلَى مَلِكِ الدَّيْلَمِ يَدْعُوهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ مَالًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مَالًا وَعُرُوضًا، وَأَرْسَلَ أَيْضًا إِلَى سَلَّارِ الطِّرْمِ يَدْعُوهُ إِلَى خِدْمَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute