وَيُطَالِبُهُ بِحَمْلِ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، فَاسْتَقَرَّ الْحَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الطَّاعَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ. وَأَرْسَلَ سَرِيَّةً إِلَى أَصْبَهَانَ وَبِهَا أَبُو مَنْصُورٍ فِرَامَرْزُ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ، فَأَغَارَتْ عَلَى أَمَالِهَا وَعَادَتْ سَالِمَةً.
وَخَرَجَ طُغْرُلْبَك مِنَ الرَّيِّ، وَأَظْهَرَ قَصْدَ أَصْبَهَانَ، فَرَاسَلَهُ فِرَامَرْزُ وَصَانَعَهُ بِمَالٍ، فَعَادَ عَنْهُ، وَسَارَ إِلَى هَمَذَانَ فَمَلَكَهَا مِنْ صَاحِبِهَا كُرْشَاسُفَ بْنِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ بِالرَّيِّ بَعْدَ أَنْ رَاسَلَهُ طُغْرُلْبَك غَيْرَ مَرَّةٍ، وَسَارَ مَعَهُ مِنَ الرَّيِّ إِلَى أَبْهُرُوزَنْجَانَ، فَأَخَذَ مِنْهُ هَمَذَانَ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ طُغْرُلْبَك تَسْلِيمَ قَلْعَةِ كِنْكِوَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ بِهَا بِالتَّسْلِيمِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا وَقَالُوا لِرُسُلِ طُغْرُلْبَكْ: قُلْ لِصَاحِبِكَ وَاللَّهِ لَوْ قَطَّعْتَهُ قِطَعًا مَا سَلَّمْنَاهَا إِلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ طُغْرُلْبَكْ: مَا امْتَنَعُوا إِلَّا بِأَمْرِكَ وَرَأْيِكَ، فَاص إِلَيْهِمْ وَأَقِمْ مَعَهُمْ، وَلَا تُفَارِقْ مَوْضِعَكَ حَتَّى آذَنَ لَكَ.
ثُمَّ عَادَ إِلَى الرَّيِّ، وَاسْتَنَابَ بِهَمَذَانَ نَاصِرًا الْعَلَوِيَّ، وَكَانَ كُرْشَاسُفُ قَدْ قَبَضَ عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَهُ طُغْرُلْبَك وَوَلَّاهُ الرَّيَّ، وَأَمَرَهُ بِمُسَاعَدَةِ مَنْ يَجْعَلُهُ فِي الْبَلَدِ، وَكَانَ مَعَهُ مَرْدَاوَيْجُ بْنُ بَسُّو نَائِبُهُ فِي جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ، فَمَاتَ، وَقَامَ وَلَدُهُ جَسْتَانُ مُقَامَهُ، فَسَارَ طُغْرُلْبَك إِلَى جُرْجَانَ، فَعَزَلَ جَسْتَانَ عَنْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى جُرْجَانَ أَسْفَارَ، وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ مَنُّوجَهْرَ بْنِ قَابُوسَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَمْرُ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ سَارَ إِلَى دِهِسْتَانَ فَحَصَرَهَا، وَبِهَا صَاحِبُهَا كَامْيَارُ مُعْتَصِمًا بِهَا لِحَصَانَتِهَا.
ذِكْرُ مَسِيرِ عَسَاكِرِ طُغْرُلْبَك إِلَى كِرْمَانَ
وَسَيَّرَ طُغْرُلْبَك طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى كِرْمَانَ مَعَ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ الرَّيَّ، وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَقْصِدْ كِرْمَانَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ الَّتِي سَارَتْ إِلَى كِرْمَانَ غَيْرَهُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى أَطْرَافِ كِرْمَانَ نَهَبُوا، وَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَى التَّوَغُّلِ فِيهَا، فَلَمْ يَرَوْا مِنَ الْعَسَاكِرِ مَنْ يَكُفُّهُمْ، فَتَوَسَّطُوهَا وَمَلَكُوا عِدَّةَ مَوَاضِعَ مِنْهَا، وَنَهَبُوهَا.
فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ صَاحِبِهَا، فَسَيَّرَ وَزِيرَهُ مُهَذِّبَ الدَّوْلَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute