أَزِدْ شَنُوءَةَ يَسْتَنْصِرُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَنْصُرُوهُ وَقَالُوا: إِخْوَانُنَا وَجِيرَانُنَا. فَسَارَ عَنْهُمْ وَنَزَلَ بِقَيْلٍ يُدْعَى مَرْثَدَ الْخَيْرِ بْنَ ذِي جَدَنٍ الْحِمْيَرِيَّ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ. فَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى بَنِي أَسَدٍ، فَأَمَدَّهُ بِخَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ، وَمَاتَ مَرْثَدٌ قَبْلَ رَحِيلِ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ يُقَالُ لَهُ قَرْمَلُ، فَزَوَّدَ امْرَأَ الْقَيْسِ ثُمَّ سَيَّرَ مَعَهُ ذَلِكَ الْجَيْشَ، وَتَبِعَهُ شُذَّاذٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَاسْتَأْجَرَ غَيْرَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى بَنِي أَسَدٍ وَظَفِرَ بِهِمْ.
ثُمَّ إِنَّ الْمُنْذِرَ طَلَبَ امْرَأَ الْقَيْسِ وَلَجَّ فِي طَلَبِهِ وَوَجَّهَ الْجُيُوشَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِامْرِئِ الْقَيْسِ بِهِمْ طَاقَةٌ وَتَفَرَّقَ عَنْهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ حِمْيَرَ وَغَيْرِهِمْ، فَنَجَا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهِ وَنَزَلَ بِالْحَارِثِ بْنِ شِهَابٍ الْيَرْبُوعِيِّ، وَهُوَ أَبُو عُتَيْبَةَ بْنُ الْحَارِثِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُنْذِرُ يَتَوَعَّدُهُ بِالْقِتَالِ إِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُمْ إِلَيْهِ، فَسَلَّمَهُمْ، وَنَجَا امْرُؤُ الْقَيْسِ وَمَعَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَابْنَتُهُ هِنْدٌ ابْنَةُ امْرِئِ الْقَيْسِ وَأَدْرَاعُهُ وَسِلَاحُهُ وَمَالُهُ، فَخَرَجَ وَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ الضَّبَابِ الْإِيَادِيِّ سَيِّدِ قَوْمِهِ، فَأَجَارَهُ، وَمَدَحَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ عَنْهُ وَنَزَلَ عَلَى الْمُعَلَّى بْنِ تَيْمٍ الطَّائِيِّ فَأَقَامَ عِنْدَهُ وَاتَّخَذَ إِبِلًا هُنَاكَ، فَعَدَا قَوْمٌ مِنْ جَدِيلَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو زَيْدٍ عَلَيْهَا فَأَخَذُوهَا، فَأَعْطَاهُ بَنُو نَبْهَانَ مِعْزَى يَحْلِبُهَا فَقَالَ:
إِذَا مَا لَمْ يَكُنْ إِبِلٌ فَمِعْزَى ... كَأَنَّ قُرُونَ جِلَّتِهَا الْعِصِيُّ
الْأَبْيَاتَ.
ثُمَّ رَحَلَ عَنْهُمْ وَنَزَلَ بِعَامِرِ بْنِ جُوَيْنٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَغْلِبَ امْرَأَ الْقَيْسِ عَلَى مَالِهِ وَأَهْلِهِ، فَعَلِمَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بِذَلِكَ فَانْتَقَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثُعْلٍ يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ بْنُ مُرٍّ فَاسْتَجَارَهُ، فَأَجَارَهُ. فَوَقَعَتْ بَيْنَ عَامِرِ بْنِ جُوَيْنٍ وَالثُّعْلِيِّ حَرْبٌ، وَكَانَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ، فَلَمَّا رَأَى امْرُؤُ الْقَيْسِ أَنَّ الْحَرْبَ قَدْ وَقَعَتْ بَيْنَ طَيِّءٍ بِسَبَبِهِ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَقَصَدَ السَّمَوْأَلَ بْنَ عَادِيَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute