نَقَلُوا إِلَيْهَا أَمْوَالَهُمُ اعْتِقَادًا مِنْهُمْ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ.
وَوَصَلَ النَّهْبُ إِلَى أَطْرَافِ نَهْرِ الْمُعَلَّى، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى النَّاسِ وَعَظُمَ الْخَوْفُ، وَنَقَلَ النَّاسُ أَمْوَالَهُمْ إِلَى بَابِ النُّوبِيِّ، وَبَابِ الْعَامَّةِ، وَجَامِعِ الْقَصْرِ، فَتَعَطَّلَتِ الْجُمُعَاتُ لِكَثْرَةِ الزَّحْمَةِ.
وَأَرْسَلَ طُغْرُلْبَك مِنَ الْغَدِ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَعْتِبُ، وَيَنْسُبُ مَا جَرَى إِلَى الْمَلِكِ الرَّحِيمِ وَأَجْنَادِهِ، وَيَقُولُ: إِنْ حَضَرُوا بَرِئَتْ سَاحَتُهُمْ، وَإِنْ تَأَخَّرُوا عَنِ الْحُضُورِ أَيْقَنْتُ أَنَّ مَا جَرَى إِنَّمَا كَانَ بِوَضْعٍ مِنْهُمْ.
وَأَرْسَلَ لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ وَأَعْيَانِ أَصْحَابِهِ أَمَانًا لَهُمْ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمُ الْخَلِيفَةُ بِقَصْدِهِ، فَرَكِبُوا إِلَيْهِ، وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ مَعَهُمْ رَسُولًا يُبْرِئُهُمْ مِمَّا خَامَرَ خَاطِرَ السُّلْطَانِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى خِيَامِهِ نَهَبَهُمُ الْغُزُّ، وَنَهَبُوا رُسُلَ الْخَلِيفَةِ مَعَهُمْ، وَأَخَذُوا دَوَابَّهُمْ وَثِيَابَهُمْ.
وَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَى خَيْمَةِ السُّلْطَانِ أُمِرَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ، فَقُبِضُوا كُلُّهُمْ آخِرَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحُبِسُوا، ثُمَّ حُمِلَ الرَّحِيمُ إِلَى قَلْعَةِ السِّيرَوَانِ، وَكَانَتْ وِلَايَةُ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ عَلَى بَغْدَاذَ سِتَّ سِنِينَ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَنُهِبَ أَيْضًا قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَنَجَا مَسْلُوبًا، فَاحْتَمَى بِخَيْمَةِ بَدْرِ بْنِ الْمُهَلْهِلِ، فَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الزَّلَالِيَّ حَتَّى أَخْفَوْهُ بِهَا عَنِ الْغُزِّ.
ثُمَّ عَلِمَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى أَصْحَابِهِ وَحُلَلِهِ تَسْكِينًا لَهُ.
وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى السُّلْطَانِ يُنْكِرُ مَا جَرَى مِنْ قَبْضِ الرَّحِيمِ وَأَصْحَابِهِ، وَنَهْبِ بَغْدَاذَ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمْ إِنَّمَا خَرَجُوا إِلَيْكَ بِأَمْرِي وَأَمَانِي، فَإِنْ أَطْلَقْتَهُمْ، وَإِلَّا فَأَنَا أُفَارِقُ بَغْدَاذَ، فَإِنِّي إِنَّمَا اخْتَرْتُكَ وَاسْتَدْعَيْتُكَ اعْتِقَادًا مِنِّي أَنَّ تَعْظِيمَ الْأَوَامِرِ الشَّرِيفَةِ يَزْدَادُ، وَحُرْمَةَ الْحَرِيمِ تُعَظَّمُ، وَأَرَى الْأَمْرَ بِالضِّدِّ.
فَأَطْلَقَ بَعْضَهُمْ، وَأَخَذَ جَمِيعَ إِقْطَاعَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute