للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْكَرِ الرَّحِيمِ، وَأَمَرَهُمْ بِالسَّعْيِ فِي أَرْزَاقٍ يُحَصِّلُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ. فَتَوَجَّهَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى الْبَسَاسِيرِيِّ وَلَزِمُوهُ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ وَنَفَقَ سُوقُهُ.

وَأَمَرَ طُغْرُلْبَك بِأَخْذِ أَمْوَالِ الْأَتْرَاكِ الْبَغْدَاذِيِّينَ، وَأَرْسَلَ إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسٍ يَأْمُرُهُ بِإِبْعَادِ الْبَسَاسِيرِيِّ عَنْهُ، فَفَعَلَ، فَسَارَ إِلَى رَحْبَةِ مَالِكٍ بِالشَّامِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَكَاتَبَ الْمُسْتَنْصِرَ صَاحِبَ مِصْرَ بِالدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ. وَخَطَبَ نُورُ الدَّوْلَةِ لِطُغْرُلْبَك فِي بِلَادِهِ، وَانْتَشَرَ الْغُزُّ السَّلْجُوقِيَّةُ فِي سَوَادِ بَغْدَاذَ، فَنَهَبُوا مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ تَكْرِيتَ إِلَى النِّيلِ وَمِنَ الشَّرْقِيِّ إِلَى النَّهْرَوَانِ وَأَسَافِلِ الْأَعْمَالِ، وَأَسْرَفُوا فِي النَّهْبِ، حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُ الثَّوْرِ بِبَغْدَاذَ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ إِلَى عَشْرَةٍ، وَالْحِمَارِ بِقِيرَاطَيْنِ إِلَى خَمْسَةٍ، وَخُرِّبَ السَّوَادُ، وَأُجْلِيَ أَهْلُهُ عَنْهُ.

وَضَمِنَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَك الْبَصْرَةَ وَالْأَهْوَازَ مِنْ هَزَارَسْبَ بْنِ بُنْكِيرَ بْنِ عِيَاضٍ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفَ وَسِتِّينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأَقْطَعَهُ أَرَّجَانَ، وَأَمْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ لِنَفْسِهِ بِالْأَهْوَازِ، دُونَ الْأَعْمَالِ الَّتِي ضَمِنَهَا، وَأَقْطَعَ الْأَمِيرَ أَبَا عَلِيِّ بْنَ أَبِي كَالِيجَارَ الْمَلِكَ قِرْمِسِينَ وَأَعْمَالَهَا، وَأَمَرَ أَهْلَ الْكَرْخِ أَنْ يُؤَذِّنُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ سَحَرًا: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ دَارِ الْمَمْلَكَةِ، فَعُمِّرَتْ وَزِيدَ فِيهَا، وَانْتَقَلَ إِلَيْهَا فِي شَوَّالٍ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِبَغْدَاذَ، وَمُقَدَّمُ الْحَنَابِلَةِ أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ، وَابْنُ التَّمِيمِيِّ، وَتَبِعَهُمْ مِنَ الْعَامَّةِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَأَنْكَرُوا الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَمَنَعُوا مِنَ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ، وَالْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَوَصَلُوا إِلَى دِيوَانِ الْخَلِيفَةِ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ حَالٌ، وَأَتَى الْحَنَابِلَةُ إِلَى مَسْجِدٍ بِبَابِ الشَّعِيرِ، فَنَهَوْا إِمَامَهُ عَنِ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ، فَأَخْرَجَ مُصْحَفًا وَقَالَ: أَزِيلُوهَا مِنَ الْمُصْحَفِ حَتَّى لَا أَتْلُوَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>