للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُبَيْسُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَبَيْنَ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَمَعَهُ قُتْلُمُشُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك، وَهُوَ جَدُّ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ أَوْلَادِ قِلْجِ أَرْسِلَانَ، وَمَعَهُ أَيْضًا سَهْمُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَتِ الْحَرْبُ عِنْدَ سِنْجَارَ، فَاقْتَتَلُوا، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، فَانْهَزَمَ قُرَيْشٌ وَقُتْلُمُشُ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِمَا الْكَثِيرُ.

وَلَقِيَ قُتْلُمُشُ مِنْ أَهْلِ سِنْجَارَ الْعَنَتَ، وَبَالَغُوا فِي أَذَاهُ وَأَذَى أَصْحَابِهِ، وَجُرِحَ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ، وَأَتَى إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ جَرِيحًا، فَأَعْطَاهُ خِلْعَةً كَانَتْ قَدْ نُفِّذَتْ مِنْ مِصْرَ، فَلَبِسَهَا وَصَارَ فِي جُمْلَتِهِمْ، وَسَارُوا إِلَى الْمَوْصِلِ، وَخَطَبُوا لِخَلِيفَةِ مِصْرَ بِهَا، وَهُوَ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ، وَكَانُوا قَدْ كَاتَبُوا الْخَلِيفَةَ الْمِصْرِيَّ بِطَاعَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْخِلَعَ مِنْ مِصْرَ لِلْبَسَاسِيرِيِّ، وَلِنُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ، وَلِجَابِرِ بْنِ نَاشِبٍ، وَلِمُقْبِلِ بْنِ بَدْرَانَ أَخِي قُرَيْشٍ، وَلِأَبِي الْفَتْحِ بْنِ وَرَّامٍ، وَنُصَيْرِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ.

ذِكْرُ مَسِيرِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك إِلَى الْمَوْصِلِ

لَمَّا طَالَ مُقَامُ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك بِبَغْدَاذَ، وَعَمَّ الْخَلْقَ ضَرَرُ عَسْكَرِهِ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ مَسَاكِنُهُمْ، فَإِنَّ الْعَسَاكِرَ نَزَلُوا فِيهَا، وَغَلَبُوهُمْ عَلَى أَقْوَاتِهِمْ، وَارْتَكَبُوا مِنْهُمْ كُلَّ مَحْظُورٍ، أَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَزِيرَهُ رَئِيسَ الرُّؤَسَاءِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى عَمِيدِ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيِّ، وَزِيرِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك، يَسْتَحْضِرُهُ، فَإِذَا حَضَرَ قَالَ لَهُ عَنِ الْخَلِيفَةِ لِيَعْرِفَ السُّلْطَانُ مَا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ، وَيَعِظُهُ وَيُذَكِّرُهُ، فَإِنْ أَزَالَ ذَلِكَ، وَفَعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَإِلَّا فَيُسَاعِدُ الْخَلِيفَةَ عَلَى الِانْتِزَاحِ عَنْ بَغْدَاذَ لِيَبْعُدَ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ.

فَكَتَبَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ إِلَى الْكُنْدُرِيِّ يَسْتَدْعِيهِ، فَحَضَرَ، فَأَبْلَغَهُ مَا أَمَرَ بِهِ الْخَلِيفَةُ، وَخَرَجَ تَوْقِيعٌ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى السُّلْطَانِ فِيهِ مَوَاعِظُ، فَمَضَى إِلَى السُّلْطَانِ وَعَرَّفَهُ الْحَالَ، فَاعْتَذَرَ بِكَثْرَةِ الْعَسَاكِرِ، وَعَجْزِهِ عَنْ تَهْذِيبِهِمْ وَضَبْطِهِمْ، وَأَمَرَ عَمِيدَ الْمُلْكِ أَنْ يُبَكِّرَ بِالْجَوَابِ إِلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَيَعْتَذِرَ بِمَا ذَكَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>