تَعَرَّضُوا إِلَى بَلَدِ) هَزَارَسْبَ. فَلَجُّوا وَقَالُوا: نُرِيدُ الْإِقَامَةَ. (فَقَالَ السُّلْطَانُ لِهَزَارَسْبَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ احْتَجُّوا بِالْإِقَامَةِ) ، فَأَخْرِجْ أَهْلَ الْبَلَدِ إِلَى مُعَسْكَرِكَ لِتَحَفْظَ نُفُوسَهُمْ. فَفَعَلَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَهُمْ إِلَيْهِ، فَصَارَ الْبَلَدُ بَعْدَ سَاعَةٍ قَفْرًا، وَفَرَّقَ فِيهِمْ هَزَارَسْبُ مَالًا، وَأَرْكَبَ مَنْ يَعْجِزُ عَنِ الْمَشْيِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الْمَوْصِلِ لِيَأْمَنُوا.
وَتَوَجَّهَ السُّلْطَانُ إِلَى نَصِيبِينَ، فَقَالَ لَهُ هَزَارَسْبُ: قَدْ تَمَادَتِ الْأَيَّامُ، وَأَرَى أَنْ أَخْتَارَ مِنَ الْعَسْكَرِ أَلْفَ فَارِسٍ أَسِيرُ بِهِمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَلَعَلِّي أَنَالُ مِنَ الْعَرَبِ غَرَضًا، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَارَبَهُمْ كَمَّنَ لَهُمْ كَمِينَيْنِ، وَتَقَدَّمَ إِلَى الْحِلَلِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَاتَلُوهُ، فَصَبَرَ لَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ انْزَاحَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ كَالْمُنْهَزِمِ، فَتَبِعُوهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْكَمِينَانِ، فَانْهَزَمَتِ الْعَرَبُ، وَكَثُرَ فِيهِمُ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ، وَكَانَ قَدِ انْضَافَ إِلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ أَصْحَابِ حَرَّانَ وَالرَّقَّةِ وَتِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَحَمَلَ الْأَسْرَى إِلَى السُّلْطَانِ، فَلَمَّا أُحْضِرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُمْ: هَلْ وَطِئْتُ لَكُمْ أَرْضًا، وَأَخَذْتُ لَكُمْ بَلَدًا. قَالُوا: لَا! قَالَ: فَلِمَ أَتَيْتُمْ لِحَرْبِي؟ وَأَحْضَرَ الْفِيلَ فَقَتَلَهُمْ، إِلَّا صَبِيًّا أَمْرَدَ، فَلَمَّا امْتَنَعَ الْفِيلُ مِنْ قَتْلِهِ عَفَا عَنْهُ السُّلْطَانُ.
ذِكْرُ عَوْدِ نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ وَقُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ إِلَى طَاعَةِ طُغْرُلْبَك
لَمَّا ظَفِرَ هَزَارَسْبُ بِالْعَرَبِ وَعَادَ إِلَى السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك أَرْسَلَ إِلَيْهِ نُورُ الدَّوْلَةِ وَقُرَيْشٌ يَسْأَلَانِهِ أَنْ يَتَوَسَّطَ حَالَهُمَا عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَيُصْلِحَ أَمْرَهُمَا مَعَهُ، فَسَعَى فِي ذَلِكَ، وَاسْتَعْطَفَ السُّلْطَانَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: أَمَّا هُمَا فَقَدْ عَفَوْتُ عَنْهُمَا، وَأَمَّا الْبَسَاسِيرِيُّ فَذَنْبُهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَنَحْنُ مُتَّبِعُونَ أَمْرَ الْخَلِيفَةِ فِيهِ، فَرَحَلَ الْبَسَاسِيرِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَتَبِعَهُ الْأَتْرَاكُ الْبَغْدَاذِيُّونَ، وَمُقْبِلُ بْنُ الْمُقَلِّدِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ عُقَيْلٍ.
وَطَلَبَ دُبَيْسٌ وَقُرَيْشٌ أَنْ يُرْسِلَ طُغْرُلْبَك إِلَيْهِمَا أَبَا الْفَتْحِ بْنَ وَرَّامٍ، فَأَرْسَلَهُ، فَعَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute