مِنْ عِنْدِهِمَا، وَأَخْبَرَ بِطَاعَتِهِمَا، وَأَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ أَنْ يَمْضِيَ هَزَارَسْبُ إِلَيْهِمَا لِيُحَلِّفَهُمَا. فَأَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالْمُضِيِّ إِلَيْهِمَا، فَسَارَ وَاجْتَمَعَ بِهِمَا، وَأَشَارَ عَلَيْهِمَا بِالْحُضُورِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَخَافَا وَامْتَنَعَا، فَأَنْفَذَ قُرَيْشٌ أَبَا السَّدَادِ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ. وَأَنْفَذَ دُبَيْسٌ ابْنَهُ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ مَنْصُورًا، فَأَنْزَلَهُمَا السُّلْطَانُ وَأَكْرَمَهُمَا وَكَتَبَ لَهُمَا بِأَعْمَالِهِمَا، وَكَانَ لِقُرَيْشٍ نَهْرُ الْمَلِكِ، وَبَادُورْيَا، وَالْأَنْبَارُ، وَهِيتُ، وَدُجَيْلٌ، وَنَهْرُ بَيْطَرَ، وَعُكْبَرَا، وَأَوَانَا، وَتَكْرِيتُ، وَالْمَوْصِلُ، وَنَصِيبِينُ، وَأَعَادَ الرُّسُلَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ.
ذِكْرُ قَصْدِ السُّلْطَانِ دِيَارَ بَكْرٍ وَمَا فَعَلَهُ بِسِنْجَارَ
لَمَّا فَرَغَ طُغْرُلْبَك مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى دِيَارِ بِكْرٍ الَّتِي هِيَ لِابْنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ ابْنُ مَرْوَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ الْهَدَايَا وَالثَّلْجَ، فَسَارَ السُّلْطَانُ إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ فَحَصَرَهَا، وَهِيَ لِابْنِ مَرْوَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ مَرْوَانَ يَبْذُلُ لَهُ مَالًا يُصْلِحُ حَالَهُ بِهِ، وَيَذْكُرُ لَهُ مَا هُوَ بِصَدَدِهِ مِنْ حِفْظِ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا يُعَانِيهِ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ، وَلَمَّا كَانَ السُّلْطَانُ يُحَاصِرُ الْجَزِيرَةَ سَارَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ إِلَى عُمْرَ أَكْمُنَ، وَفِيهِ أَرْبَعُمِائَةِ رَاهِبٍ، فَذَبَحُوا مِنْهُمْ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَاهِبًا، وَافْتَدَى الْبَاقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِسِتَّةِ مَكَاكِيكَ ذَهَبًا وَفِضَّةً.
وَوَصَلَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ أَخُو السُّلْطَانِ إِلَيْهِ، فَلَقِيَهُ الْأُمَرَاءُ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ، وَحَمَلُوا إِلَيْهِ الْهَدَايَا. وَقَالَ لِعَمِيدِ الْمُلْكِ الْوَزِيرِ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْعَرَبُ حَتَّى تَجْعَلَهُمْ نُظَرَاءَ السُّلْطَانِ، وَتُصْلِحَ بَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: مَعَ حُضُورِكَ يَكُونُ مَا تُرِيدُ، فَأَنْتَ نَائِبُ السُّلْطَانِ.
وَلَمَّا وَصَلَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ أَرْسَلَ هَزَارَسْبُ إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَزْيَدٍ وَقُرَيْشٍ يُعَرِّفُهُمَا وُصُولَهُ، وَيُحَذِّرُهُمَا مِنْهُ، فَسَارَا مِنْ جَبَلِ سِنْجَارَ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَلَمْ يَلْتَفِتِ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَيْهِمَا، فَانْحَدَرَ نُورُ الدَّوْلَةِ إِلَى (بَلَدِهِ بِالْعِرَاقِ) ، وَأَقَامَ قُرَيْشٌ عِنْدَ الْبَسَاسِيرِيِّ بِالرَّحْبَةِ مَعَهُ ابْنُهُ مُسْلِمُ بْنُ قُرَيْشٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute