وَشَكَا قُتْلُمُشُ ابْنُ عَمِّ السُّلْطَانِ إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَهْلِ سِنْجَارَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي لَمَّا انْهَزَمَ، وَأَنَّهُمْ قَتَلُوا رِجَالًا، فَسَيَّرَ الْعَسَاكِرَ إِلَيْهِمْ فَأَحَاطَتْ بِهِمْ، وَصَعِدَ أَهْلُهَا عَلَى السُّورِ وَسَبَوْا، وَأَخْرَجُوا جَمَاجِمَ مَنْ كَانُوا قُتِلُوا وَقَلَانِسَهُمْ، وَتَرَكُوهَا عَلَى رُءُوسِ الْقَصَبِ، فَفَتَحَهَا السُّلْطَانُ عَنْوَةً، وَقَتَلَ أَمِيرَهَا مُجْلَى بْنَ مُرَجَّا وَخَلْقًا كَثِيرًا مِنْ رِجَالِهَا، وَسَبَى نِسَاءَهُمْ، وَخُرِّبَتْ، وَسَأَلَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ فِي الْبَاقِينَ فَتَرَكَهُمْ، فَسَلَّمَهَا هِيَ وَالْمَوْصِلَ وَالْبِلَادَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، وَنَادَى فِي عَسْكَرِهِ: مَنْ تَعَرَّضَ لِنَهْبٍ صَلَبْتُهُ. فَكَفَّوْا عَنْهُمْ.
وَعَادَ السُّلْطَانُ إِلَى بَغْدَاذَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَذْكُرَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا هَذِهِ السَّنَةَ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَا كَانَ فِيهَا، فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهَا بَعْضًا، وَذَكَرْنَا أَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْقَطَعَتِ الطُّرُقُ عَنِ الْعِرَاقِ لِخَوْفِ النَّهْبِ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ، وَكَثُرَ الْغَلَاءُ، وَتَعَذَّرَتِ الْأَقْوَاتُ وَغَيْرُهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَكَلَ النَّاسُ الْمَيْتَةَ، وَلَحِقَهُمْ وَبَاءٌ عَظِيمٌ، فَكَثُرَ الْمَوْتُ حَتَّى دُفِنَ الْمَوْتَى بِغَيْرِ غُسْلٍ وَلَا تَكْفِينٍ، فَبِيعَ رِطْلُ لَحْمٍ بِقِيرَاطٍ، (وَأَرْبَعُ دَجَاجَاتٍ بِدِينَارٍ، وَرِطْلُ شَرَابٍ بِدِينَارٍ، وَسَفَرْجَلَةٌ بَدِينَارٍ) ، وَرُمَّانَةٌ بِدِينَارٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ.
وَكَانَ بِمِصْرَ أَيْضًا وَبَاءٌ شَدِيدٌ، فَكَانَ يَمُوتُ فِي الْيَوْمِ أَلْفُ نَفْسٍ، ثُمَّ عَمَّ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute