عَشَرَ دِينَارًا، وَالْكَارَةُ مِنَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ، وَأَكَلَ النَّاسُ الْمَيْتَةَ وَالْكِلَابَ وَغَيْرَهَا، وَكَثُرَ الْوَبَاءُ حَتَّى عَجَزَ النَّاسُ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى، فَكَانُوا يَجْعَلُونَ الْجَمَاعَةَ فِي الْحُفَيْرَةِ.
[وَفَاةُ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ]
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تُوُفِّيَ أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَعَرِّيُّ، الْأَدِيبُ، وَلَهُ نَحْوُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَعِلْمُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَرْمُونَهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، حُكِيَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لِأَبِي يُوسُفَ الْقَزْوِينِيِّ: مَا هَجَوْتُ أَحَدًا. فَقَالَ لَهُ الْقَزْوِينِيُّ: هَجَوْتَ الْأَنْبِيَاءَ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ: مَا أَخَافُ أَحَدًا سِوَاكَ.
وَحَكَى عَنْهُ الْقَزْوِينِيُّ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شِعْرًا فِي مَرْثِيَّةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يُسَاوِي أَنْ يُحْفَظَ. فَقَالَ الْقَزْوِينِيُّ: بَلَى، قَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ سَوَادِنَا:
رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَوَصِيِّهِ ... لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى قَنَاةٍ يُرْفَعُ
وَالْمُسْلِمُونَ بِمَنْظَرٍ وَبِمَسْمَعٍ
،
لَا جَازِعٌ مِنْهُمْ، وَلَا مُتَفَجِّعُ ... أَيْقَظْتَ أَجْفَانًا وَكُنْتَ لَهَا كَرًى
وَأَنَمْتَ عَيْنًا لَمْ تَكُنْ بِكَ تَهْجَعُ
كُحِلَتْ بِمَصْرَعِكَ الْعُيُونُ عَمَايَةً
وَأَصَمَّ نَعْيُكَ كُلَّ أُذْنٍ تَسْمَعُ ... مَا رَوْضَةٌ إِلَّا تَمَنَّتْ أَنَّهَا
لَكَ مَضْجَعٌ وَلِخَطِّ قَبْرِكَ مَوْضِعُ
وَفِيهَا أَصْلَحَ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ وَمَحْمُودُ بْنُ الْأَخْرَمِ الْخَفَاجِيُّ حَالَهُمَا مَعَ السُّلْطَانِ، فَعَادَ دُبَيْسٌ إِلَى بِلَادِهِ فَوَجَدَهَا خَرَابًا لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ بِهَا مِنَ الْوَبَاءِ الْجَارِفِ، لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute