وَسَارَتِ الْبُشْرَى بِهَذِهِ الْفُتُوحِ فِي الْبِلَادِ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ، وَقُرِئَ كِتَابُ الْفَتْحِ بِبَغْدَاذَ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَبَرَزَ خَطُّ الْخَلِيفَةِ بِالثَّنَاءِ عَلَى أَلْب أَرْسَلَانَ وَالدُّعَاءِ لَهُ.
وَرَتَّبَ السُّلْطَانُ فِيهَا أَمِيرًا فِي عَسْكَرٍ جَرَّارٍ، وَعَادَ عَنْهَا، وَقَدْ رَاسَلَهُ مَلِكُ الْكُرْجِ فِي الْهُدْنَةِ، فَصَالَحَهُ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كُلَّ سَنَةٍ، فَقَبِلَ ذَلِكَ.
وَلَمَّا رَحَلَ السُّلْطَانُ عَائِدًا قَصَدَ أَصْبَهَانَ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى كَرْمَانَ، فَاسْتَقْبَلَهُ أَخُوهُ قَاوَرْتُ بِكْ بْنُ جُغْرِي بِكْ دَاوُدَ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى مَرْوَ، فَزَوَّجَ ابْنَهُ مَلِكْشَاهْ بِابْنَةِ خَاقَانَ، مَلِكِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَزَوَّجَ ابْنَهُ أَرْسَلَانْشَاهْ بِابْنَةِ صَاحِبِ غَزْنَةَ، وَاتَّحَدَ الْبَيْتَانِ الْبَيْتُ السَّلْجُوقِيُّ، وَالْبَيْتُ الْمَحْمُودِيُّ، وَاتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، ظَهَرَ بِالْعِرَاقِ وَخُوزِسْتَانَ وَكَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكْرَادِ، خَرَجُوا يَتَصَيَّدُونَ، فَرَأَوْا فِي الْبَرِّيَّةِ خِيَمًا سُودًا، وَسَمِعُوا مِنْهَا لَطْمًا شَدِيدًا وَعَوِيلًا كَثِيرًا، وَقَائِلًا يَقُولُ: قَدْ مَاتَ سَيِّدُوكُ مَلِكُ الْجِنِّ، وَأَيُّ بَلَدٍ لَمْ يَلْطُمْ أَهْلُهُ عَلَيْهِ وَيَعْمَلُوا لَهُ الْعَزَاءَ قُلِعَ أَصْلُهُ، وَأُهْلِكَ أَهْلُهُ، فَخَرَجَ كَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى الْمَقَابِرِ يَلْطُمْنَ، وَيَنُحْنَ، وَيَنْشُرْنَ شُعُورَهُنَّ، وَخَرَجَ رِجَالٌ مِنْ سِفْلَةِ النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ ضِحْكَةً عَظِيمَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute