للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرِّبَا مَرْبَطَ النَّعَامَةِ مِنِّي لَقِحَتْ ... حَرْبُ وَائِلٍ عَنْ حِيَالِ

قَرِّبَا مَرْبَطَ النَّعَامَةِ مِنِّي ... شَابَ رَأْسِي وَأَنْكَرَتْنِي رِجَالِي

لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللَّ ... هُ وَإِنِّي بِحَرِّهَا الْيَوْمَ صَالِي

فَأَتَوْهُ بِفَرَسِهِ النَّعَامَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهَا مِثْلُهَا، فَرَكِبَهَا وَوَلِيَ أَمْرَ بَكْرٍ وَشَهِدَ حَرْبَهُمْ، وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ شَهِدَهُ يَوْمُ قِضَةَ، وَهُوَ يَوْمُ تَحْلَاقِ اللِّمَمِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ تَحْلَاقُ اللِّمَمِ لِأَنَّ بَكْرًا حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا جَحْدَرَ بْنَ ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسٍ أَبُو الْمَسَامِعَةِ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا قَصِيرٌ فَلَا تَشِينُونِي، وَأَنَا أَشْتَرِي لَمَّتِي مِنْكُمْ بِأَوَّلِ فَارِسٍ يَطَّلِعُ عَلَيْكُمْ. فَطَلَعَ ابْنُ عَنَّاقٍ فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ يَرْتَجِزُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَقُولُ:

رُدُّوا عَلَيَّ الْخَيْلَ إِنْ أَلَمَّتِ ... إِنْ لَمْ أُقَاتِلْهُمْ فَجُزُّوا لِمَّتِي

وَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ الْحَارِثُ بْنُ عُبَادٍ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَتَلَ فِي تَغْلِبَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَفِيهِ يَقُولُ طَرَفَةُ:

سَائِلُوا عَنَّا الَّذِي يَعْرِفُنَا ... بِقُوَانَا يَوْمَ تَحْلَاقِ اللِّمَمِ

يَوْمَ تُبْدِي الْبِيضُ عَنْ أَسْؤُقِهَا ... وَتَلُفُّ الْخَيْلُ أَفْوَاجَ النَّعَمْ

وَفِي هَذَا الْيَوْمِ أَسَرَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَادٍ مُهَلْهِلًا، وَاسْمُهُ عَدِيٌّ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَهُ: دُلَّنِي عَلَى عَدِيٍّ وَأَنَا أُخَلِّي عَنْكَ. فَقَالَ لَهُ الْمُهَلْهِلُ: عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ بِذَلِكَ إِنْ دَلَلْتُكَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنَا عَدِيٌّ، فَجَزَّ نَاصِيَتَهُ وَتَرَكَهُ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

لَهْفُ نَفْسِي عَلَى عَدِيٍّ وَلَمْ أَعْ ... رِفْ عَدِيًّا إِذْ أَمْكَنَتْنِي الْيَدَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>