للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ وَاثِقًا بِإِحْسَانِ السُّلْطَانِ وَنِظَامِ الْمُلْكِ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ اسْتَدْعَاهُمَا، فَلَمَّا مَلَكَ السُّلْطَانُ الْبَلَدَ طَلَبَ أَهْلُهُ أَنْ يُعْفِيَهُمْ مِنِ ابْنِ الْحُتَيْتِيِّ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ، فَافْتَقَرَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا عَلَى حَالٍ شَدِيدَةٍ مِنَ الْفَقْرِ، وَقُتِلَ وَلَدُهُ بِأَنْطَاكِيَةَ، قَتَلَهُ الْفِرِنْجُ لَمَّا مَلَكُوهَا.

ذِكْرُ وَفَاةِ بِهَاءِ الدَّوْلَةِ مَنْصُورِ بْنِ مَزْيَدٍ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ صَدَقَةَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تُوُفِّيَ بِهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو كَامِلٍ مَنْصُورُ بْنُ دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ، صَاحِبِ الْحُلَّةِ، وَالنِّيلِ، وَغَيْرِهِمَا (مِمَّا يُجَاوِرُهَا) ، وَلَمَّا سَمِعَ نِظَامُ الْمُلْكِ خَبَرَ وَفَاتِهِ قَالَ: مَاتَ أَجَلُّ صَاحِبِ عِمَامَةٍ، وَكَانَ فَاضِلًا قَرَأَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ بُرْهَانَ، فَبَرَعَ بِذَكَائِهِ فِي الَّذِي اسْتَفَادَ مِنْهُ وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ:

فَإِنْ أَنَا لَمْ أَحْمِلْ عَظِيمًا وَلَمْ أَقُدْ ... لُهَامًا وَلَمْ أَصْبِرْ عَلَى فِعْلِ مُعَظْمِ

وَلَمْ أُجِرِ الْجَانِي، وَأَمْنَعَ حَوْزَهُ ... غَدَاةَ أُنَادِي لِلْفَخَارِ وَأَنْتَمِي.

وَلَهُ فِي صَاحِبٍ لَهُ يُكَنَّى أَبَا مَالِكٍ يَرْثِيهِ:

فَإِنْ كَانَ أَوْدَى خِدْنُنَا، وَنَدِيمُنَا ... أَبُو مَالِكٍ، فَالنَّائِبَاتُ تَنُوبُ

فَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى لَا مَحَالَةَ مَيِّتٌ ... وَفِي كُلِّ حَيٍّ لِلْمَنُونِ نَصِيبُ

وَلَوْ رَدَّ حُزْنٌ، أَوْ بُكَاءٌ لِهَالِكٍ ... بَكَيْنَاهُ مَا هَبَّتْ صَبًا وَجَنُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>