للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُونَ صَبْرًا لَا سَبِيلَ إِلَى الصَّبْرِ ... سَأَبْكِي وَأُبْكِي مَا تَطَاوَلَ مِنْ عُمْرِي

أَفْتَحٌ لَقَدْ فَتَّحْتَ لِي بَابَ رَحْمَةٍ ... كَمَا بِيَزِيدَ اللَّهُ قَدْ زَادَ فِي أَجْرِي

هَوَى بِكُمَا الْمِقْدَارُ عَنِّي وَلَمْ ... أَمُتْ فَأُدْعَى وَفِّيًا قَدْ نَكَصْتُ إِلَى الْغَدْرِ

وَلَوْ عُدْتُمَا لَاخْتَرْتُمَا الْعَوْدَ فِي ... الثَّرَى إِذَا أَنْتُمَا أَبْصَرْتُمَانِي فِي الْأَسْرِ

أَبَا خَالِدٍ أَوْرَثْتَنِي الْبَثَّ خَالِدًا أَبَا ... نَصَرَ مُذْ وَدَّعْتَ وَدَّعَنِي نَصْرِي

وَكَانَ الْمُعْتَمِدُ يُكَاتِبُهُ فُضَلَاءُ الْبَلَادِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، بِالنَّثْرِ وَالنَّظْمِ، يَتَوَجَّعُونَ لَهُ، وَيَذُمُّونَ الزَّمَانَ وَأَهْلَهُ، حَيْثُ مِثْلُهُ مَنْكُوبٌ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَمْدِيسَ، (وَكَتَبَهُ إِلَيْهِ) يَذْكُرُ مَسِيرَهُمْ عَنْ إِشْبِيلِيَّةَ إِلَى أَغْمَاتَ:

جَرَى لَكَ جَدٌّ بِالْكِرَامِ عَثُورُ ... وَجَارَ زَمَانٌ كُنْتَ مِنْهُ تُجِيرُ

لَقَدْ أَصْبَحَتْ بِيضُ الظُّبَى فِي ... غُمُودِهَا إِنَاثًا لِتَرْكِ الضَّرْبِ وَهِيَ ذُكُورُ

وَلَمَّا رَحَلْتُمْ بِالنَّدَى فِي أَكُفِّكُمْ ... وَقُلْقِلَ رَضْوَى مِنْكُمُ وَثَبِيرُ

رَفَعْتُ لِسَانِي بِالْقِيَامَةِ قَدْ أَتَتْ ... أَلَا (فَانْظُرُوا كَيْفَ الْجِبَالُ تَسِيرُ

)

وَقَالَ شَاعِرُهُ ابْنُ اللُّبَانَةِ فِي حَادِثَتِهِ أَيْضًا:

تَبْكِي السَّمَاءُ بِدَمْعٍ رَائِحٍ غَادِي ... عَلَى الْبَهَالِيلِ مِنْ أَبْنَاءِ عَبَّادِ

عَلَى الْجِبَالِ الَّتِي هُدَّتْ قَوَاعِدُهَا ... وَكَانَتِ الْأَرْضُ مِنْهَا تَحْتَ أَوْتَادِ

عِرِّيسَةٍ دَخَلَتْهَا النَّائِبَاتُ عَلَى ... أَسَاوِدَ مِنْهُمْ فِيهَا وَآسَادِ

وَكَعْبَةٍ

كَانَتِ الْآمَالُ تَعْمُرُهَا

فَالْيَوْمَ لَا عَاكِفٌ فِيهَا وَلَا بَادِ

وَلَمَّا اسْتَقْصَى عَسْكَرُ أَمِيرِ الْمُسْلِمِينَ مُلُوكَ الْأَنْدَلُسِ، وَأَخَذَ بِلَادَهُمْ، جَمَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>