لَبُوزَانَ: إِنَّمَا أَطَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ لِنَنْظُرَ مَا يَكُونُ مِنْ أَوْلَادِ صَاحِبِنَا، وَالْآنَ فَقَدْ ظَهَرَ ابْنُهُ، وَنُرِيدُ أَنْ نَكُونَ مَعَهُ. فَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ وَفَارَقَا تُتُشْ، وَصَارَا مَعَ بَرْكِيَارُقَ.
فَلَمَّا رَأَى تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشْ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا قُوَّةَ لَهُ بِهِمْ، فَعَادَ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَقَامَتِ الْبِلَادُ لِبَرْكِيَارُقَ، فَلَمَّا قَوِيَ أَمْرُهُ سَارَ كُوهَرَائِينُ إِلَى الْعَسْكَرِ يَعْتَذِرُ مِنْ مُسَاعَدَتِهِ لِتَاجِ الدَّوْلَةِ تُتُشْ وَأَعَانَهُ بِرْسَقُ، وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ كَمُشْتِكِينُ الْجَانْدَارُ، فَأُخِذَ إِقْطَاعُهُ، وَأُعْطِيَ الْأَمِيرُ يَلْبُرَدُ زِيَادَةً، وَوَلِيَ شَحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ عِوَضَ كُوهَرَائِينَ، وَتَفَرَّقَ عَنْ كُوهَرَائِينَ أَصْحَابُهُ، فَكَانَ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ حَصْرِ عَسْكَرِ مِصْرَ صُورَ وَمَلْكِهِمْ لَهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، مَلَكَ عَسْكَرُ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ مِصْرَ، مَدِينَةَ صُورَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ: أَنَّ أَمِيرَ الْجُيُوشِ بَدْرًا، وَزِيرَ الْمُسْتَنْصِرِ، سَيَّرَ الْعَسَاكِرَ إِلَى مَدِينَةِ صُورَ، وَغَيْرِهَا، مِنْ سَاحِلِ الشَّامِ، وَكَانَ مَنْ بِهَا قَدِ امْتَنَعَ مِنْ طَاعَتِهِمْ، فَمَلَكَهَا، وَقَرَّرَ أُمُورَهَا، وَجَعَلَ فِيهَا الْأُمَرَاءَ.
وَكَانَ قَدْ وَلَّى مَدِينَةَ صُورَ الْأَمِيرَ الَّذِي يُعْرَفُ بِمُنِيرِ الدَّوْلَةِ الْجُيُوشِيِّ، فَعَصَى عَلَى الْمُسْتَنْصِرِ وَأَمِيرِ الْجُيُوشِ، وَامْتَنَعَ بِصُورَ، فَسُيِّرَتِ الْعَسَاكِرُ مِنْ مِصْرَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَهْلُ صُورٍ قَدْ أَنْكَرُوا عَلَى مُنِيرِ الدَّوْلَةِ عِصْيَانَهُ عَلَى سُلْطَانِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْعَسْكَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute