أَرَى أُمَّتِي لَا يَشْرَعُونَ إِلَى الْعِدَى
رِمَاحَهُمْ، وَالدِّينُ وَاهِي الدَّعَائِمِ ... وَيَجْتَنِبُونَ النَّارَ خَوْفًا مِنَ الرَّدَى
،
وَلَا يَحْسَبُونَ الْعَارَ ضَرْبَةَ لَازِمِ
أَتَرْضَى صَنَادِيدُ الْأَعَارِيبِ بِالْأَذَى
،
وَيُغْضِي عَلَى ذُلٍّ كُمَاةُ الْأَعَاجِمِ
وَمِنْهَا:
فَلَيْتَهُمْ، إِذْ لَمْ يَذُودُوا حَمِيَّةً ... عَنِ الدِّينِ، ضَنُّوا غَيْرَةً بِالْمَحَارِمِ
وَإِنْ زَهِدُوا فِي الْأَجْرِ، إِذْ حَمِسَ الْوَغَى
،
فَهَلَّا أَتَوْهُ رَغْبَةً فِي الْغَنَائِمِ ... لَئِنْ أَذْعَنَتْ تِلْكَ الْخَيَاشِيمُ لِلْبُرَى
،
فَلَا عَطَسُوا إِلَّا بِأَجْدَعَ رَاغِمِ ... دَعَوْنَاكُمُ، وَالْحَرْبُ تَرْنُو مُلِحَّةً
إِلَيْنَا، بِأَلْحَاظِ النُّسُورِ الْقَشَاعِمِ ... تُرَاقِبُ فِينَا غَارَةً عَرَبِيَّةً
،
تُطِيلُ عَلَيْهَا الرُّومُ عَضَّ الْأَبَاهِمِ ... فَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ
،
رَمَيْنَا إِلَى أَعْدَائِنَا بِالْجَرَائِمِ
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمِصْرِيِّينَ والْفِرِنْجِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَمَضَانَ، كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ والْفِرِنْجِ وَسَبَبُهَا أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَا تَمَّ عَلَى أَهْلِ الْقُدْسِ، جَمَعَ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ الْعَسَاكِرَ، وَحَشَدَ، وَسَارَ إِلَى عَسْقَلَانَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْفِرِنْجِ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ مَا فَعَلُوا، وَيَتَهَدَّدُهُمْ، فَأَعَادُوا الرَّسُولَ بِالْجَوَابِ وَرَحَلُوا عَلَى أَثَرِهِ. وَطَلَعُوا عَلَى الْمِصْرِيِّينَ، عَقِيبَ وُصُولِ الرَّسُولِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ خَبَرٌ مِنْ وُصُولِهِمْ، وَلَا مِنْ حَرَكَتِهِمْ، وَلَمْ يَكُونُوا عَلَى أُهْبَةِ الْقِتَالِ، فَنَادَوْا إِلَى رُكُوبِ خُيُولِهِمْ، وَلَبِسُوا أَسْلِحَتَهُمْ، وَأَعْجَلَهُمُ الْفِرِنْجُ، فَهَزَمُوهُمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، وَغَنِمُوا مَا فِي الْمُعَسْكَرِ مَنْ مَالٍ وَسِلَاحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَانْهَزَمَ الْأَفْضَلُ، فَدَخَلَ عَسْقَلَانَ، وَمَضَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ فَاسْتَتَرُوا بِشَجَرِ