وَاتَّفَقَ قَتْلُ مَجْدِ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيِّ، وَاسْتِيحَاشَ الْعَسْكَرِ مِنَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ، وَفَارَقُوهُ وَسَارُوا نَحْوَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَلَقَوْهُ بِخُرَّقَانَ، فَصَارُوا مَعَهُ، وَسَارُوا نَحْوَ الرَّيِّ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ لَمَّا فَارَقَهُ عَسْكَرُهُ سَارَ مُجِدًّا إِلَى الرَّيِّ، فَأَتَاهُ بِهَا الْأَمِيرُ يَنَّالُ بْنُ أَنُوشْتَكِينَ الْحُسَامِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ أَيْضًا عِزُّ الْمُلْكِ مَنْصُورُ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَأُمُّهُ ابْنَةُ مَلِكِ الْأَبْخَازِ، وَمَعَهُ عَسَاكِرُ جَمَّةٌ، فَبَلَغَهُ مَسِيرُ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ إِلَيْهِ فِي الْعَسَاكِرِ، فَسَارَ مِنَ الرَّيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَلَمْ يَفْتَحْ أَهْلُهَا لَهُ الْأَبْوَابَ، فَسَارَ إِلَى خُوزِسْتَانَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَوَرَدَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ إِلَى الرَّيِّ ثَانِيَ ذِي الْقَعْدَةِ، فَوَجَدَ زُبَيْدَةَ خَاتُونْ وَالِدَةَ أَخِيهِ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ قَدْ تَخَلَّفَتْ بَعْدَ ابْنِهَا، فَأَخَذَهَا مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ وَسَجَنَهَا فِي الْقَلْعَةِ، وَأَخَذَ خَطَّهَا بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَأَرَادَ قَتْلَهَا، وَأَشَارَ عَلَيْهِ ثِقَاتُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَقَالُوا لَهُ: الْعَسْكَرُ مُحِبُّونَ لِوَلَدِهَا، وَإِنَّمَا اسْتَوْحَشُوا مِنْهُ لِأَجْلِهَا، وَمَتَى قُتِلَتْ عَدَلُوا عَلَيْهِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِهَؤُلَاءِ الْجُنْدِ، فَإِنَّهُمْ غَدَرُوا بِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ أَوْثَقَ مَا كَانَ بِهِمْ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى قَوْلِهِمْ، وَرَفَعَهَا إِلَى الْقَلْعَةِ، وَخُنِقَتْ، وَكَانَ عُمْرُهَا اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَسَرَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ رَأَى خَطَّهُ فِي تَذْكِرَتِهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، فَكَانَ أَعْظَمَ الْأَسْبَابِ فِي قَتْلِهِ.
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ بِبَغْدَاذَ لِلْمَلِكِ مُحَمَّدٍ
لَمَّا قَوِيَ أَمْرُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ سَارَ إِلَيْهِ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهْرَائِينُ مِنْ بَغْدَاذَ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْحَشَ مِنَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَكَرْبُوقَا، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَجَكَرْمِشُ، صَاحِبُ الْجَزِيرَةِ، وَسُرْخَابُ بْنُ بَدْرٍ، صَاحِبُ كِنْكَوَرَ، وَغَيْرِهَا، فَسَارُوا إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَلَقَوْهُ بِقُمَّ، فَرَدَّ سَعْدَ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَسَارَ كَرْبُوقَا وَجَكَرْمِشُ فِي خِدْمَتِهِ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَلَمَّا وَصَلَ كُوهْرَائِينُ إِلَى بَغْدَاذَ خَاطَبَ الْخَلِيفَةَ فِي الْخُطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، وَخَطَبَ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute