ذِكْرُ عَوْدِ قَلْعَةِ خُفْتِيذْكَانْ إِلَى سُرْخَابَ بْنِ بَدْرٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَتْ قَلْعَةُ خُفْتِيذْكَانْ إِلَى الْأَمِيرِ سُرْخَابَ بْنِ بَدْرِ بْنِ مُهَلْهَلٍ.
وَكَانَ سَبَبُ أَخْذِهَا مِنْهُ أَنَّ الْقُرَّابُلِيَّ، وَهُوَ مِنْ (قَبِيلٍ مِنَ) التُّرْكُمَانِ يُقَالُ لَهُمْ سَلْغُرُ، وَكَانَ قَدْ أَتَى إِلَى بَلَدِ سُرْخَابَ، فَمَنَعَهُ مِنَ الْمَرَاعِي، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَمَضَى قُرَّابُلِيُّ إِلَى التُّرْكُمَانِ، وَاسْتَجَاشَ بِهِمْ، وَجَاءَ فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ، فَلَقِيَهُ سُرْخَابُ وَقَاتَلَهُ، فَقَتَلَ قُرَّابُلِيُّ مِنْ أَصْحَابِهِ الْأَكْرَادِ قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَانْهَزَمَ سُرْخَابُ إِلَى بَعْضِ جِبَالِهِ فِي عِشْرِينَ رَجُلًا.
فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْتَحْفِظَانِ بِقَلْعَةِ خُفْتِيذْكَانَ ذَلِكَ، وَكَانَا رَجُلَيْنِ حَدَّثَتْهُمَا أَنْفُسُهُمَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَكَانَ بِهَا ذَخَائِرُهُ، وَأَمْوَالُهُ، وَقَدْرُهَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، فَتَمَلَّكَاهَا، وَاجْتَازَ بِهَا السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ، فَأَنْفَذَا إِلَيْهِ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَاسْتَوْلَى التُّرْكُمَانُ عَلَى جَمِيعِ بِلَادِ سُرْخَابَ بْنِ بَدْرٍ، سِوَى دَقُوقَا وشَهْرَزُورَ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْوَقْتُ قَتَلَ أَحَدُ الْمُسْتَحْفِظِينَ الْآخَرَ، وَأَرْسَلَ إِلَى سُرْخَابَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْأَمَانَ لِيُسَلِّمَ إِلَيْهِ الْقَلْعَةَ، فَأَمَّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى مَا حَصَلَ بِيَدِهِ مِنْ أَمْوَالِهَا، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ وَوَفَّى لَهُ.
ذِكْرُ قَتْلِ قَدَرْخَانَ صَاحِبِ سَمَرْقَنْدَ
قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ قُدُومَ الْمَلِكِ سَنْجَرَ مَعَ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ إِلَى بَغْدَاذَ وَعَوْدَهُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى نَيْسَابُورَ خَطَبَ لِأَخِيهِ مُحَمَّدٍ بِخُرَاسَانَ جَمِيعِهَا، وَلَمَّا كَانَ بِبَغْدَاذَ طَمَعَ قَدَرْخَانُ جِبْرِيلُ بْنُ عُمَرَ، صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ، فِي خُرَاسَانَ لِبُعْدِهِ عَنْهَا، وَجَمَعَ عَسَاكِرَ تَمْلَأُ الْأَرْضَ، قِيلَ: كَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ، وَقَصَدَ بِلَادَ سَنْجَرَ.
وَكَانَ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ سَنْجَرَ، اسْمُهُ كُنْدُغْدِي، قَدْ كَاتَبَ قَدَرْخَانَ بِالْأَخْبَارِ، وَأَعْلَمَهُ مَرَضَ سَنْجَرَ، بَعْدَ عَوْدِهِ إِلَى بِلَادِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَشَفَى عَلَى الْهَلَاكِ، وَقَوَّى طَمَعَهُ بِالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ السُّلْطَانَيْنِ بَرْكِيَارُقَ وَمُحَمَّدٍ، وَبِشِدَّةِ عَدَاوَةِ بَرْكِيَارُقَ لِسَنْجَرَ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute