للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّرْعَةِ مَهْمَا الِاخْتِلَافُ وَاقِعٌ وَأَنَّهُ مَتَى أَسْرَعَ مَلَكَ خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقَ. فَبَادَرَ قَدَرْخَانُ وَأَقْدَمَ، وَقَصَدَ الْبِلَادَ، فَبَلَغَ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ الْخَبَرُ، وَكَانَ قَدْ عُوفِيَ، فَبَادَرَ وَسَارَ نَحْوَهُ قَاصِدًا قِتَالَهُ وَمَنْعَهُ عَنِ الْبِلَادِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ مَعَهُ كُنْدُغْدِي الْمَذْكُورُ، وَهُوَ لَا يَتَّهِمُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فَعَلَ، فَوَصَلَ إِلَى بَلْخٍ فِي سِتَّةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَبَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَدَرْخَانَ نَحْوُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، فَهَرَبَ كُنْدُغْدِي إِلَى قَدَرْخَانَ، وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَالْمُنَاصَحَةِ، وَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى تِرْمِذَ، فَمَلَكَهَا، وَكَانَ الْبَاعِثُ لِلْكُنْدُغْدِي عَلَى مَا فَعَلَ (حَسَدَهُ لِلْأَمِيرِ) بَزْغَشَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ.

ثُمَّ تَقَدَّمَ قَدَرْخَانُ، لَمَّا تَدَانَى الْعَسْكَرَانِ أَرْسَلَ سَنْجَرُ يُذَكِّرُ قَدَرْخَانَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ الْقَدِيمَةَ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى قَوْلِهِ، وَأَذْكَى سَنْجَرُ الْعُيُونَ وَالْجَوَاسِيسَ عَلَى قَدَرْخَانَ، فَكَانَ لَا يَخْفَى عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ خَبَرِهِ، فَأَتَاهُ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَزَلَ بِالْقُرْبِ مِنْ بَلْخٍ، وَأَنَّهُ خَرَجَ مُتَصَيِّدًا فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ، فَنَدَبَ سَنْجَرُ، عِنْدَ ذَلِكَ، الْأَمِيرَ بَزْغَشَ لِقَصْدِهِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَحِقَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَاتَلَهُ، فَلَمْ يَصْبِرْ مَنْ مَعَ قَدَرْخَانَ، فَانْهَزَمُوا، وَأَسَرَ كُنْدُغْدِي وقَدَرْخَانَ، وَأَحْضَرَهُمَا عِنْدَ سَنْجَرَ، فَأَمَّا قَدَرْخَانُ فَإِنَّهُ قَبَّلَ الْأَرْضَ وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ لَهُ سَنْجَرُ: إِنْ خَدَمْتَنَا، أَوْ لَمْ تَخْدِمْنَا، فَمَا جَزَاؤُكَ إِلَّا السَّيْفُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ.

فَلَمَّا سَمِعَ كُنْدُغْدِي الْخَبَرَ نَجَا بِنَفْسِهِ، وَنَزَلَ فِي قَنَاةٍ، وَمَشَى فِيهَا فَرْسَخَيْنِ تَحْتَ الْأَرْضِ، عَلَى مَا بِهِ مِنَ النِّقْرِسِ، وَقَتَلَ فِيهَا حَيَّتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ، وَسَبَقَ أَصْحَابَهُ إِلَى مَخْرَجِهَا، وَسَارَ مِنْهَا فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ إِلَى غَزْنَةَ.

وَقِيلَ: بَلْ جَمَعَ سَنْجَرُ عَسَاكِرَ كَثِيرَةً، وَالْتَقَى هُوَ وقَدَرْخَانُ، (وَجَرَى بَيْنَهُمَا مَصَافٌّ، وَقِتَالٌ عَظِيمٌ، أَكْثَرَ فِيهِ الْقَتْلَ فِيهِمْ، فَانْهَزَمَ قَدَرْخَانُ) وَعَسْكَرُهُ، وَحُمِلَ أَسِيرًا إِلَى سَنْجَرَ، فَقَتَلَهُ، وَحَصَرَ تِرْمِذَ، وَبِهَا كُنْدُغْدِي، فَطَلَبَ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ سَنْجَرُ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ، وَسَلَّمَ تِرْمِذَ، فَأَمَرَهُ سَنْجَرُ بِمُفَارَقَةِ بِلَادِهِ، فَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا أَكْرَمَهُ صَاحِبُهَا عَلَاءُ الدَّوْلَةِ، وَحَلَّ عِنْدَهُ الْمَحَلَّ الْكَبِيرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>