أَبُوهُ صَاحِبَ أَنْطَاكِيَةَ، وَقُزْلُ أَرْسَلَانُ بْنُ السَّبْعِ الْأَحْمَرِ، فَلَمَّا وَصَلَ بَرْكِيَارُقُ وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى بَابِ خُوَيٍّ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَدَامَتْ إِلَى الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ.
فَاتَّفَقَ أَنَّ الْأَمِيرَ إِيَازَ أَخَذَ مَعَهُ خَمْسَمِائَةِ فَارِسٍ مُسْتَرِيحِينَ، وَحَمَلَ بِهِمْ، وَقَدْ أَعْيَا الْعَسْكَرُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، عَلَى عَسْكَرِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَكَسَرَهُمْ وَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.
فَأَمَّا السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ فَإِنَّهُ قَصَدَ جَبَلًا بَيْنَ مَرَاغَةَ وَتِبْرِيزَ، كَثِيرَ الْعُشْبِ وَالْمَاءِ، فَأَقَامَ بِهِ أَيَّامًا، وَسَارَ إِلَى زَنْجَانَ.
وَأَمَّا السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ فَإِنَّهُ سَارَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى أَرْجِيشَ، مِنْ بِلَادِ أَرْمِينِيَّةَ، عَلَى أَرْبَعِينَ فَرْسَخًا مِنَ الْوَقْعَةِ، وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ خِلَاطٍ، مِنْ جُمْلَةِ أَقْطَاعِ الْأَمِيرِ سُكْمَانَ الْقِبْطِيِّ، وَسَارَ مِنْهُ إِلَى خِلَاطٍ، وَاتَّصَلَ بِهِ الْأَمِيرُ عَلِيٌّ صَاحِبُ أَرْزَنِ الرُّومِ، وَتَوَجَّهَ إِلَى آنَى، وَصَاحِبُهَا مِنُوجِهْرُ أَخُو فَضْلُونَ الرَّوَّادِيِّ، وَمِنْهَا سَارَ إِلَى تِبْرِيزَ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ. وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَ أَخْبَارِهِمْ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ عِنْدَ صُلْحِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَكَانَ الْأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤَيَّدِ الْمُلْكِ بْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ مَعَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ، فَمَرَّ مُنْهَزِمًا، وَدَخَلَ دِيَارَ بَكْرٍ، وَانْحَدَرَ مِنْهَا إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى بَغْدَاذَ، وَكَانَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ يُقِيمُ بِبَغْدَاذَ فِي سُوقِ الْمَدْرَسَةِ، فَاتَّصَلَتِ الشَّكَاوَى مِنْهُ إِلَى أَبِيهِ، فَكَتَبَ إِلَى كُوهْرَائِينَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَاسْتَجَارَ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَتَوَجَّهَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى مَجْدِ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيِّ، وَوَالِدُهُ حِينَئِذٍ بِكَنْجَةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ لِنَفْسِهِ بِالسَّلْطَنَةِ، وَتَوَجَّهَ بَعْدَ قَتْلِ مَجْدِ الْمُلْكِ إِلَى وَالِدِهِ، وَقَدْ صَارَ وَزِيرَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَخَطَبَ لِمُحَمَّدٍ بِالسَّلْطَنَةِ، وَبَقِيَ بَعْدَ قَتْلِ وَالِدِهِ، وَاتَّصَلَ بِالسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَحَضَرَ مَعَهُ هَذِهِ الْحَرْبَ فَانْهَزَمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute