للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ عَزْلِ سَدِيدِ الْمُلْكِ وَزِيرِ الْخَلِيفَةِ وَنَظَرِ أَبِي سَعْدِ بْنِ الْمُوصَلَايَا فِي الْوِزَارَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، مُنْتَصَفَ رَجَبٍ، قُبِضَ عَلَى الْوَزِيرِ سَدِيدِ الْمُلْكِ أَبِي الْمَعَالِي، وَزِيرِ الْخَلِيفَةِ، وَحُبِسَ فِي دَارٍ بِدَارِ الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ أَهْلُهُ قَدْ وَرَدُوا عَلَيْهِ مِنْ أَصْبَهَانَ، فَنُقِلُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ مَحْبَسُهُ جَمِيلًا.

وَسَبَبُ عَزْلِهِ جَهْلُهُ بِقَوَاعِدِ دِيوَانِ الْخِلَافَةِ، فَإِنَّهُ قَضَى عُمْرَهُ فِي أَعْمَالِ السَّلَاطِينِ، وَلَيْسَ لَهُمْ هَذِهِ الْقَوَاعِدُ، وَلَمَّا قُبِضَ عَادَ أَمِينُ الدَّوْلَةِ بْنُ الْمُوصْلَايَا إِلَى النَّظَرِ فِي الدِّيوَانِ.

وَمِنْ عَجَبٍ مَا جَرَى مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّ سَدِيدَ الْمُلْكِ كَانَ يَسْكُنُ فِي دَارِ عَمِيدِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ، وَجَلَسَ فِيهَا مَجْلِسًا عَامًّا يَحْضُرُهُ النَّاسُ لِوَعْظِ الْمُؤَيَّدِ عِيسَى الْغَزْنَوِيِّ، فَأَنْشَدُوا أَبْيَاتًا ارْتَجَلَهَا:

سَدِيدُ الْمُلْكِ

سُدْتَ، وَخُضْتَ بَحْرًا ... عَمِيقَ اللُّجِّ، فَاحْفَظْ فِيهِ رُوحَكْ

وَأَحْيِ مَعَالِمَ الْخَيْرَاتِ، وَاجْعَلْ ... لِسَانَ الصِّدْقِ فِي الدُّنْيَا فُتُوحَكْ

وَفِي الْمَاضِينَ مُعْتَبَرٌ، فَأَسْرِجْ ... مَرُوحَكَ فِي السَّلَامَةِ، أَوْ جَمُوحَكْ

ثُمَّ قَالَ سَدِيدُ الْمُلْكِ: مَنْ شَرِبَ مِنْ مَرْقَةِ السُّلْطَانِ احْتَرَقَتْ شَفَتَاهُ، وَلَوْ بَعْدَ زَمَانٍ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الدَّارِ وَقَرَأَ: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: ٤٥] ، فَقُبِضَ عَلَى الْوَزِيرِ بَعْدَ أَيَّامٍ.

ذِكْرُ مُلْكِ الْمَلِكِ دُقَاقَ مَدِينَةَ الرَّحْبَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، مَلَكَ الْمَلِكُ دِقَاقُ بْنُ تُتُشَ، صَاحِبُ دِمَشْقَ، مَدِينَةَ الرَّحْبَةِ، وَكَانَتْ بِيَدِ إِنْسَانٍ اسْمُهُ قَايُمَازُ مِنْ مَمَالِيكِ السُّلْطَانِ أَلْبِ أَرْسِلَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ كَرْبُوقَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَسَارَ دُقَاقُ وَطُغْتِكِينُ أَتَابِكُهُ إِلَيْهِ، وَحَصَرَاهُ بِهَا، ثُمَّ رَحَلَ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>