وَتَسْلِيمِ السَّلْطَنَةِ إِلَيْهِ، وَتَرْكِ مُنَازَعَتِهِ فِيهَا، فَعَبَرَ يَوْمَ السَّبْتِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الشَّهْرِ إِلَى عَسْكَرِ مُحَمَّدٍ، وَاجْتَمَعَ بِوَزِيرِهِ سَعْدِ الْمُلْكِ أَبِي الْمَحَاسِنِ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَعَرَّفَهُ مَا جَاءَ فِيهِ، فَحَضَرَا عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَأَدَّى الصَّفِيُّ رِسَالَةَ صَاحِبِهِ إِيَازَ، وَاعْتِذَارَهُ عَمَّا كَانَ مِنْهُ أَيَّامَ بَرْكِيَارُقَ، فَأَجَابَهُ مُحَمَّدٌ جَوَابًا لَطِيفًا سَكَّنَ بِهِ قَلْبَهُ وَطَيَّبَ نَفْسَهُ، وَأَجَابَ إِلَى مَا الْتُمِسَ مِنْهُ مِنَ الْيَمِينِ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ حَضَرَ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَالنَّقِيبَانِ، وَالصَّفِيُّ وَزِيرُ إِيَازَ، عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ وَزِيرُهُ سَعْدُ الْمُلْكِ: إِنَّ إِيَازَ يَخَافُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْعَهْدَ لِمَلِكْشَاهْ ابْنِ أَخِيكَ، وَلِنَفْسِهِ، وَلِلْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ. فَقَالَ السُّلْطَانُ: أَمَّا مَلِكْشَاهْ فَإِنَّهُ وَلَدِي، وَلَا فَرْقَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي، وَأَمَّا إِيَازُ وَالْأُمَرَاءُ فَأَحْلِفُ لَهُمْ، إِلَّا يَنَّالَ الْحُسَامِيَّ وَصَبَاوَةَ، فَاسْتَحْلَفَهُ إِلْكَيَّا الْهَرَّاسُ، مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ، عَلَى ذَلِكَ، وَحَضَرَ الْجَمَاعَةُ الْيَمِينَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ حَضَرَ الْأَمِيرُ إِيَازُ عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَلَقِيَهُ وَزِيرُ السُّلْطَانِ، وَالنَّاسُ كَافَّةً، وَوَصَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ، ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَدَخَلَا جَمِيعًا إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَكْرَمَهُمَا، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، وَقِيلَ بَلْ رَكِبَ السُّلْطَانُ وَلَقِيَهُمَا، وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَقَامَ السُّلْطَانُ بِبَغْدَاذَ إِلَى شَعْبَانَ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَفَعَلَ فِيهَا مَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ قَتْلِ الْأَمِيرِ إِيَازَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، قُتِلَ الْأَمِيرُ إِيَازُ، قَتَلَهُ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ إِيَازَ لَمَّا سَلَّمَ السَّلْطَنَةَ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ صَارَ فِي جُمْلَتِهِ، وَاسْتَخْلَفَهُ لِنَفْسِهِ، فَلَمَّا كَانَ ثَامِنَ جُمَادَى الْآخِرَةِ عَمِلَ دَعْوَةً عَظِيمَةً فِي دَارِهِ، وَهِيَ دَارُ كُرَاهْرَائِينَ، وَدَعَا السُّلْطَانَ إِلَيْهَا، وَقَدَّمَ لَهُ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ جُمْلَتِهِ الْحَبْلُ الْبُلْخُشُ الَّذِي أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ مُؤَيَّدِ الْمُلْكِ بْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَحَضَرَ مَعَ السُّلْطَانِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ مَزْيَدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute