فَقَطَعَ الْكُزَاغَنْدَ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى بَدَنِهِ، وَحَمَلَ أَصْحَابُ جَاوْلِي عَلَى أَصْحَابِهِ فَهَزَمُوهُمْ، وَاسْتَبَاحُوا ثَقَلَهُمْ وَسَوَادَهُمْ. فَلَمَّا رَأَى قِلْجُ أَرْسِلَانَ انْهِزَامَ عَسْكَرِهِ عَلِمَ أَنَّهُ إِنْ أُسِرَ فُعِلَ بِهِ فِعْلُ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا، لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَازَعَ السُّلْطَانَ فِي بِلَادِهِ، وَاسْمَ السَّلْطَنَةِ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْخَابُورِ، وَحَمَى نَفْسَهُ، مِنْ أَصْحَابِ جَاوْلِي بِالنُّشَّابِ، فَانْحَدَرَ بِهِ الْفَرَسُ إِلَى مَاءٍ عَمِيقٍ فَغَرِقَ، وَظَهَرَ بَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ فَدُفِنَ بِالشَّمْسَانِيَّةِ وَهِيَ مِنْ قُرَى الْخَابُورِ.
وَسَارَ جَاوْلِي إِلَى الْمَوْصِلِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا فَتَحَ أَهْلُهَا لَهُ بَابَهَا، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ قِلْجِ أَرْسِلَانَ مِنْ مَنْعِهِمْ، وَنَزَلَ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَأُخِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ جَكَرْمِشَ الَّذِينَ حَضَرُوا الْوَقْعَةَ مَعَ قِلْجِ أَرْسِلَانَ إِلَى جِهَةٍ، فَلَمَّا مَلَكَ جَاوْلِي الْمَوْصِلَ أَعَادَ خُطْبَةَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَصَادَرَ جَمَاعَةَ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ جَكَرْمِشَ، وَسَارَ إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِهَا حَبَشِيُّ بْنُ جَكَرْمِشَ، وَمَعَهُ أَمِيرٌ مِنْ غِلْمَانِ أَبِيهِ اسْمُهُ غَزْغَلِي، فَحَصَرَهُ مُدَّةً، ثُمَّ إِنَّهُمْ صَالَحُوهُ، وَحَمَلُوا إِلَيْهِ سِتَّةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَغَيْرَهَا مِنَ الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ، وَرَحَلَ عَنْهُمْ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَأَرْسَلَ مَلِكْشَاهْ بْنَ قِلْجِ أَرْسِلَانَ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ.
ذِكْرُ أَحْوَالِ الْبَاطِنِيَّةِ وَقَتْلِ ابْنِ عَطَّاشٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ الْقَلْعَةَ الَّتِي كَانَ الْبَاطِنِيَّةُ مَلَكُوهَا بِالْقُرْبِ مِنْ أَصْبَهَانَ، وَاسْمُهَا شَاهْ دَزْ، وَقُتِلَ صَاحِبُهَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَطَّاشٍ، وَوَلَدُهُ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقَلْعَةُ قَدْ بَنَاهَا مَلِكْشَاهْ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا بَعْدَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَطَّاشٍ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ اتَّصَلَ بِدَزْدَارٍ كَانَ لَهَا، فَلَمَّا مَاتَ اسْتَوْلَى أَحْمَدُ عَلَيْهَا، وَكَانَ الْبَاطِنِيَّةُ بِأَصْبَهَانَ قَدْ أَلْبَسُوهُ تَاجًا، وَجَمَعُوا لَهُ أَمْوَالًا، وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ لِتَقَدُّمِ أَبِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute