وَعُمُومَتُهُ بَنُو الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَالْقُضَاةِ، وَالْأَئِمَّةِ، وَالْأَعْيَانِ.
وَكَانَ الْمُتَوَلِّيَ الْبَيْعَةَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الدَّامَغَانِيُّ، وَكَانَ نَائِبًا عَنِ الْوِزَارَةِ، فَأَقَرَّهُ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَأْخُذِ الْبَيْعَةَ قَاضٍ غَيْرُ هَذَا، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ لِلْوَاثِقِ بِاللَّهِ، فَإِنَّهُ أَخَذَهَا لِلْوَاثِقِ بِاللَّهِ وَالْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخَذَهَا لِلْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ.
ثُمَّ إِنَّ الْمُسْتَرْشِدَ عَزَلَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ عَنْ نِيَابَةِ الْوِزَارَةِ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا شُجَاعٍ مُحَمَّدَ بْنَ الرَّبِيبِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَزِيرَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَكَانَ وَالِدُهُ خَطَبَ فِي مَعْنَى وَلَدِهِ، حَتَّى اسْتَوْزَرَ، وَقَبَضَ عَلَى صَاحِبِ الْمَخْزَنِ أَبِي طَاهِرٍ يُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ الْحُزِّيِّ.
ذِكْرُ هَرَبِ الْأَمِيرِ أَبِي الْحَسَنِ أَخِي الْمُسْتَرْشِدِ وَعَوْدِهِ
لَمَّا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِبَيْعَةِ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ، رَكِبَ أَخُوهُ الْأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ سَفِينَةً، وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، وَانْحَدَرَ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى دُبَيْسِ بْنِ صَدَقَةَ بِالْحِلَّةِ، فَكَرَّمَهُ دُبَيْسٌ، وَعَلِمَ مِنْهُ وَفَاةَ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، وَأَقَامَ لَهُ الْإِقَامَاتِ الْكَثِيرَةَ، فَلَمَّا عَلِمَ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ خَبَرَهُ أَهَمَّهُ ذَلِكَ وَأَقْلَقَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى دُبَيْسٍ يَطْلُبُ مِنْهُ إِعَادَتَهُ، فَأَجَابَ بِأَنَّنِي عَبْدُ الْخَلِيفَةِ، وَوَاقِفٌ عِنْدَ أَمْرِهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ اسْتَذَمَّ بِي، وَدَخَلَ مَنْزِلِي، فَلَا أُكْرِهُهُ عَلَى أَمْرٍ أَبَدًا.
وَكَانَ الرَّسُولُ نَقِيبَ النُّقَبَاءِ شَرَفِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ طَرَّادٍ الزَّيْنَبِيِّ، فَقَصَدَ الْأَمِيرَ أَبَا الْحَسَنِ، وَتَحَدَّثَ مَعَهُ فِي عَوْدِهِ، وَضَمِنَ لَهُ عَنِ الْخَلِيفَةِ كُلَّ مَا يُرِيدُهُ فَأَجَابَ إِلَى الْعَوْدِ، وَقَالَ: إِنَّنِي لَمْ أُفَارِقْ أَخِي لِشَرٍّ أُرِيدُهُ، وَإِنَّمَا الْخَوْفُ حَمَلَنِي عَلَى مُفَارَقَتِهِ، فَإِذَا أَمَّنَنِي قَصَدْتُهُ. وَتَكَفَّلَ دُبَيْسٌ بِإِصْلَاحِ الْحَالِ بِنَفْسِهِ، وَالْمَسِيرِ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَعَادَ النَّقِيبُ وَأَعْلَمَ الْخَلِيفَةَ الْحَالَ، فَأَجَابَ إِلَى مَا طَلَبَهُ مِنْهُ.
ثُمَّ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ الْبُرْسُقِيِّ وَدُبَيْسٍ وَمَنْكُوبُرْسَ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَتَأَخَّرَ الْحَالُ.
وَأَقَامَ الْأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ عِنْدَ دُبَيْسٍ إِلَى ثَانِيَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ سَارَ عَنِ الْحِلَّةِ إِلَى وَاسِطَ، وَكَثُرَ جَمْعُهُ وَقَوِيَ الْإِرْجَافُ بِقُوَّتِهِ، وَمَلَكَ مَدِينَةَ وَاسِطَ، وَخِيفَ جَانِبُهُ، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ بِالْخُطْبَةِ لِوَلِيِّ عَهْدِهِ وَلَدِهِ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute